مراودة زليخة من يوسف ولقد همت بهِ وهمَّ بها من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
صفحة 1 من اصل 1
مراودة زليخة من يوسف ولقد همت بهِ وهمَّ بها من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
مُراوَدَة زُليخة لِيُوسُفَ لِتَضْجَعَهُ عَليْها وَقوْلهُ تعالى
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
((سِيناريُو قِصَـة يُوسُـف المَعرُوضَة فِي قَـَناةِ الكَوْثـَرِ الفَضائِيَـة))
هِيَّ مِـنْ تَفاسِيرِ العَلامَة المُحَقِق الشَيخُ الحَجاري الرُمَيثِي مِـنْ العِـراق
التِي بَيَّنَ تَفسِيرُها بالإشارَةٍ صُورَةً وَبالكَلامِ تَمْثِيلاً
فَلَـوْ قارَنتِمُوها بَيْنَ تَفاسِـيرِ العُلَماءِ الأحياء مِنهُم
وَالأمْوات لَـمْ تَجِـدُوا لَهُـم قَلَـماً لاَمِـعاً يُعَـبِرُ عَنْهـا
بإخلاصِ عَميقٍّ مِثلَّما فَسَّرَها لَكُم الشَيْخُ الحَجاري
بخَمْسَةِ عَشَر جزءًا لِكُلِّ جزْءٍ يَحتَوِّي عَلى ثَلاثَةِ حَلَقاتٍ
أرْجُو بَيانُ الإشادَة مِنكُم وَالرَدُ عَليْها بَعدَ المُقارنَةِ
وَمِنَ اللهِ التَوفِيق,,
(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)
عَـنْ الإمـامِ عَليِّ بـنَ مُوسى الرِضا عَليـهِ السَلام: حِـينَ سَألَـهُ الخََلِيفَة
المَأمُون العبّاسِي قائِلاً ألاَ تَقولُونَ أنَّ الأنبياءَ مَعصُومُون, فَقال الإمام
(بَلى) فقالَ المَأمُون فمَا تَفسِيرُ هذِهِ الآيَة (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِـهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا
أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّـهِ) قال: الإمام لكِنَهُ كانَ مَعصُوماً وَالمَعصُوم لاَ يَهمُّ
بذَنبٍ وَلاَ يَأتِيهِ: فقالَ المَأمُون للهِ درُّكَ يا أبا الحَسَن,,
وَفِي تَفسِير آيَة اللـَّه العَلامَة السَيد مَحمَد حسين الطَباطبائي فَسَرَ قوْلَه
تَعالى (وَِلَقـَد هَمَت بـهِ) اللامُ فِيهِ لِلقسَمِ، وَالمَعنى: وَأقسِـمُ لَقـَد قصَدَت
يُوسُف بِمَا تـُريدهُ مِنهُ وَلاَ يَكُون الهَّم إلاَ بِأن تَشفَعَ الإرادَةُ بشَيءٍ مِـنَ
العَمَلِ وَقولَـهُ (لَـوْلا أَنْ رَأى بُـرْهَانَ رَبِّـهِ) مَعطـُوفٌ عَلـى مَدخـُولٍ لام
القَسَم مِـنَ الجُمْلَةِ السابِقةِ وَالمَعنى أقسِمُ لَـوْلا رُؤْيَتَهُ برهانَ رَبّـه لَهَمَّ
بها وَكادَ أنْ يُجِيبُها لِمَا تُريدهُ مِنهُ ثمَ بَيَنَ الطَباطَبائِي وَقالَ وَالذِي رآهُ
يُوسُف (عليهِ السَلام) مِنَ برهانِ رَبِهِ وَإنْ لَمْ يُوضِحهُ كلامَهُ تعالى كُل
الإيضاحِ, لكِنـهُ عَلى أيِّ حالٍ: كـانَ سَـبباً مِـنْ أسبابِ اليَقِـين لاَ يُجامِعَ
الجَهْل وَالضَلال بتاتاً، ويَدِلُ عَلى أنَـهُ كانَ مِـنْ قبيلِ العِلْم قـَوْل يُوسُف
فِـيما يُناجِيَّ رَبَـهُ كَمَا سَيَأتِي (وَإِلَّا تَصْـرِفْ عَنِّي كَيْدَهُـنَّ أَصْـبُ إِلَيْهِـنَّ
وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وَفِي تَفسِيرِ السُنَةَ: ذكَـرَ النَسْفِي فِـي تَفسِرِهِ عَمَا نَقَلَهُ وَلَـمْ يَذكـر اسْماً
لِمُفَسِرٍ (وَهَمَ بِها) قالَ وَفيهِ أيْضاً إشعارٌ بالفَرقِ بَينَ الهَمَينِ وفسَرَ هَمَّ
يُوسُف بأنهُ حَـلَّ تَكَـة سَراويلَهُ وَقعَدَ بـينَ شعبِها الأرْبَع وَهِيَّ مُسْتَلْقِيَةٌ
عَلى قَِفاها، وَفَسَرَ البُرهان بأنـهَ سَمَعَ صَوْتاً إياكَ وَإياها مَرتَيِن فسَمَعَ
ثالِثاً أعرَضَ عَنها فلَمْ يَنْجَع فِيهِ حَتى مُثِلَ لَهُ يَعقوب عاضاً عَلى أنملتِهِ
وَهُوَ باطِلٌ ويَدِلُ عَلى بطلانِهِ قوْلهُ (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) وَلَـوْ
كانَ ذلِكَ مِنهُ أيْضاً لَمَا بَـرَأَ نفسهُ مِنْ ذلِك: وقوله (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ
السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) وَلَوْ كانَ كذلِكَ لَمْ يَكُن السُوءَ مَصْرُوفاً عَنهُ,,
وَفِي تَفسِير الجَلالَينِ (وَلَقَـدْ هَمَّتْ بِـهِ) قَصَدت مِـنهُ الجَماع (وَهَمَّ بِهَا)
قَصَدَ ذلِك (لَـوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّـِهِ) قالَ ابـنُ عَباس مَـثَلَ لَـهُ يَعقوب
فضَرَب صَدرَهُ فَخَرَجَت شَهْوَتهُ مِنْ أنامِلِهِ,,
وَفِي تَفسِير ابنُ عَبد السَلام لِلسُنةِ فَسَرَ قَوْلَهُ تَعالى (وَهَمَّ بِهَا) بِضَربِها
أوْ عَزَمَ عَلى وِقاعِها فَحَلَ الهَمَيانُ وَهُوَ السَراوِّيل وَجَلَـسَ مِنها مَجْلِس
الرَجُل مِنَ المَرَأةِ (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) نُودِيَّ أتَزنِي فتَكُون كَطائِرٍ
وَقعَ رَشَهُ فذَهَبَ يَطِيرُ فلَمْ يِسْتَطِع، أوْ رِأى صُورَة أبيه يَقول أَتَهِمَ بفِعلِ
السُفَهاءِ وَأنتَ مَكْتوبٌ فِي الأنبياءِ فخَرَجَت شَهْوَتهُ مِنْ أنامِلِهِ,,
تفسِيرُ العلامَة الشيخ الحَجاري الرُمَيثي مِن العِراق
هَوَ الذي يُطابق تفسِرَهُ مُسلسَل يُوسُف المَعرُوض في
قناةِ الكوثر الفضائِيَة بكُلِّ حلقاتِها بالصُورةِ والحَركَةِ
والفِعلِ والإشارَةِ والكَلام من دُون هذهِ التفاسير الواهِيَة
التِي تُشوه صُورَة الأنبياءَ المَعصُومِين؟؟
وإليكُم هذا التفسِيرُ وَبحَلقةٍ واحِدَة
(هَلْ أيْقنَ الناسُ بِكَلامِ المُفَسِرينَ: أمْ بِمَا فَسَّرَ الشَيْخ ألحَجاري: وَقال)
أوَلَيْسَ هـذا البَلاءُ مِحنَةٌ عَظِيمَةٌ أعـْظَمُ عَلى يُوسُفَ مِـنْ مِحنَةِ أخْوَتِـهِ
عَليْهِ وَصَبْرُهُ عَلى المُراوَدَةِ هُوَ أعظَمُ أجْـراً مِنْ كُـلِّ المِحَنِ, وَاختِيارَهُ
الصَـبْر عَلـى العَـذابِ مَـعَ وجُــودِ الداعِـي بِمُراوَدَتِــهِ, وإجــبارِهِ عَلـى
الفَواحِشِ, وَرَغَبَة السِجْن أهْوَنُ عَليْهِ مِنْ مُراوَدَتِها لَهُ, وَالمُراوَدَةُ هُوَ
النِزاعُ الذِي بَدَّأتْ بِـهِ زُليْخَةَ مِـنْ يُوسُفَ فِي طَلـََبِ مُواقَعَتِها وَبِرَغبَتِها
وَكانَ ألأمْـرُ شَدِيـدٌ علَيـهِ لِمُطاوَعَتِها حِـينَ أخَذَت تَذهَـبُ وَتَجِئُ أمامَـهُ
تَعرِضُ عَلَيْهِ مَحاسِنُها وَهُـوَ يَشْعِرُ بِسُلْطانِها كَيْفَ نزَلَت إليـهِ بمَفاتِنِها
لِتَصْرِفُهُ عَـنْ نَفسِـهِ إلى مُواقَعَتِها بَعـدَ أوْصَدَت عَليْـهِ الأبْـوابَ السَبعَةَ
(وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) هَيْتَ اسْمُ فِعـْلٍ: بَـلْ هَلـُمَ مَعِـي يا يُوسُفُ إلـى سَريـرِ
النَومِ لَقَد تَهَيْأتُ لَكَ فاسْتَدَلْتُ الحُجُبَ مِنْ مَنافِذِها وَأغلَقتُ الأبْوابَ مِنْ
مَداخِلُها وَفرَقتُ العَبيدَ وَالحَشَم فَاسْتَغرَبَ يُوسُفُ مِنْ وقُوعِ الفِعلِ مِنهُ
بِها, فَقـَدَمَ مَحَبَةُ اللـَّهِ عَليْها بِأوَلِ دَلِـيلِ أنذَرَها (قَالَ مَعَاذَ اللـَّهِ) وَحَركَ
شَفَتاه إخفاتاً: وَقالَ عُذتُ بِرَبِّي مِنها أعُـوذُ عَوْذاً وَعِيَاذاً وَمَعاذاً, فَلَجَأ
إلى مَلْجَئٍ وَلاذَ بِمَلاذٍ عائِـذ ٌباللـَّهِ مِـنْ كُـلِّ شَـرٍ, فَجَعَـلَ الفاعِـلُ مَوْضِعِ
المَفعُولِ وَهُـوَ العِيَاذُ باللـَّّهِ مِنها حَتى قالَ لَها بدَلِيلِهِ الثانِي (إِنَّـهُ رَبِّي)
الذِي هوَ بَعلُكِ الآنْ قَََََـََد (أَحْسَنَ مَثْوَايَ) بإقامَتِي وَتَربيَتِي, وَأكْرَمَ فِدايَّ
وَأحْسَنَ قَدْري, وَرَفَـعَ مَقامِي مِـنْ بَـيْنِ العَبيد وَالحَشَم بَعـدَ أنْ اتَخَذَنِي
وَلَـداً لَـهُ, وَحاشايَّ أنْ أخُونَـهُ فِي زَوْجِهِ وَهِيَّ بِمَثابَـةِ الأُم لِي,, فَقـَدَمَ
يُوسُف لَها الإحسانُ بالإخْلاصِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الإيمانِ وَالإسْلامِ
مَعاً, وَأطْلَـقَ بإحسانِـهِ الإشارَةَ إلى المُرَاقَبَـةِ وَحُسْـنِ الطاعَـةِ عِندَّهُـم
لِطاعَتِهِ لَهُم,, فامْتَنَعَ وَاعتَصَمَ عَليْها وَأفلَحَ لِرَّبِـهِ الكَريم وَقالَ: بِدَلِيلِـهِ
الثالِث لَها (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) بالفَوْزِ بارتِكابِهِم مِثلُ هذِهِ الفَواحِشُ
النَكِرَة, وَالآيَةُ تَدِلُ بِقَوْلِهِ بأنَ غَرائِزَهُ الجِنسِيَة مَا كانَت طَوْعَ نَفسِهِ لَمّا
شاهَدَ مُثِيرات زُلَيِْخَةَ فأفْلَحَ لِرَبِّـهِ فَاصَطَرَعَ العَقلُ غَرِيزَتَهُ بإيمانِهِ الذِي
جَعَلَ لَهُ سَهْماً بصَبْرهِ أمامَ كُلِّ المِحَنِ وَالشَدائِدِ التِي أبتَلى بِها,,
قالَت يا يُوسُفُ: هـذا لاّ يُنكَرُ: وَلكِن اسْتَمَلْتـُكَ لِنَفسِي, وَتَنَكَّبَتُ بالزِّينَةِ
وَتَشَقَقتُ بالتَجَمِيلِ لأجْـلِ أنْ أضْجَعُكَ عَليً: أفـَلاّ تَتَخَيَلَ مَا ألبَسْتُكَ تِلْكَ
الثيابِ الفضْفاضَةِ وَالعِطُورِ العَبَقَةِ الشَذِيَة لأَخْلِوَّ بِكَ مَا يَثِيـرُ غَريزَتِي
بِسِحرِ جمالِكَ المَكْنُون,,
قالَ: إنِي أخافُ رَبِّي أنْ يَرانِي عَلى مَعصِيَةٍ فَيَذهَب بِنَصِيبي مِنَ الجَنَةِ
قالَت: وَمَِا سَدُكَ مِنْ رَبِّ الآلِهَةِ آمُـونَ سَأضَعُ عَليهِ برْدَةً فأغَشِيَهُ مِـنْ
حَيْثُ لاَ يَرانا؟؟ قالَ, رَبِّي يَرى بَيْنَ حُجُبِ السَماواتِ السَبْعِ إلى أطْباقِ
السَبْعِ الثَرى, ويَسْمَعُ مَا جَهَرَ وَمّا خَفِيَّ, وَآمُـونَ إلهَكُم هـذا لاَ يَبصِرُ
إلى مَنْ كانَ حَوْلَهُ أصَّمٌ أبْكَمٌ لاَ يَعلَمُ إلاّ هُوَ حَجَرٌ لاَ يَنفَعُ وَلاَ يَضُرُ, وَلاَ
يُغنِيَّ عَنكُم شَيْئاً,,
فَأيْقَنَت زُلَيْخَةَ بِأنَ الصَنَمَ آمُون لاّيَغنِيَّ عَنها شَيْئاً فأخَذَت تُكَلِمُهُ وَقالَت
أيُها الصَنَمُ المُعَظَم بعِبادَتِي لَكَ, وَحُبِّي فِيكَ, هَـلْ وَجَدتَ مُؤنِساً يُسَلِيَكَ
مِثلُ هذا الفَتى الجَمِيلُ اسْتَمَلْتَهُ لِنَفسِي فَآبى وَأعتَصَمَ عَليَّ, فَهْدِيَهُ إلِيَّ
وَقَرِبَهُ مِنْ نَفسِي فإنِي لاَ أُطِيقُ عَلى فِراقِهِ صَبْراً, فَتَحَرَكَ الصَّنَمُ وَكانَ
نَمٌ ذهَبٌ أحمَرُ فوَقعَ عَلى وَجْهِهِ كَأنَهُ خَشِيَّ مِنْ عَمَلِها الفاحِش وَتَقَطَعَ
إرباً إرْبـا,, فقالَت مَا الذِي أصابُكَ أيُها الصَنَمُ هَـلْ صَدَقَ يُوسُفُ عَـمَا
سَفهَكَ بِقَولِهِ؟؟
فَقالَ لَها يُوسُف: رَبِّي فعَلَ بـهِ ذلِك لِسِجُودِكِ لَـهُ، قالَت مَنْ هُوَ رَبُّك؟؟
قالَ: رَبُّ إبراهِيمَ وَإسْحاقَ وَيعقوبَ، هُـوَ الرَبُّ الذِي خَلَقنِي وَخَلَقَكِ,,
قالَت: كَيْـفَ يَعلَـم بسِجُودِي لِصَنَمٍ؟؟ قالَ: أنذَرتـُكِ بِـهِ وَهُـوَ غائِبٌ عَـنْ
الأبْصارِ وَلاّتُغِيب عَنهُ الأبْصار وَهُوَ الذِي (لَاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصَارَ) رَبِِّي لاَ إلـهَ إلاّ اللـَّه (بِيَـدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْـهِ تـُرْجَعُونَ)
قالَت يا يُوسُفُ: إنَنِي أحبَبْتُ إلهِكَ بِحُبِّكَ لَهُ إياه فَلَوْلاَ أَنَ لِي إلهاً أعبِدَهُ
لَعَبَدتُ إلهِكَ، وَلكِنَ عِبادَةَ إلهَيْنِ قَبيحَةً,,
شاهِد فِيديُو المُراودَة وَفتح الأبْواب السَبعَة وَقارنَهُ مَعَ التفسِير
https://www.youtube.com/watch?v=EBkn6wvpZL4&feature=youtu.be
وَقوْلَهُ تَعالى
(وَلَقَـَدْ هَمَّتْ بِـهِ وَهَمَّ بِهَا
لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الهَّمُ فِي مَوْضَعَيْن: ألأولُ كانَ هَمُّها لِتَضْجَعَهُ عَليْها إجْباراً لِمُطاوَعَتِها
وَرَغبَةً فِي مُراوَدَتِها لَـهُ,,
أمَّا الثانِي: إذا لَـمْ يُطاوعُها يُوسُـف يُسْجَنَ وَيُعَـذَبَ بِعَـذابٍ ألِيـمٍ, لأنَها
اسْتَطارَت مِـنْ غَضَبِها عَلَيـهِ لِكَـوْن فِيـهِ حُسْـن الحال مِـمَّ رَضَـعَ لـُبان
الحِكْمَةِ وَتَرَعرَعَ فِي كَنفِ الرسالةِ وَأعَـدَّهُ الله لِشَرَفِ النبُوَةِ,, وَامْـرأةُ
العَزيز فِي سَطَوَتِها وَجَمالِها تَدَعُ فتىً مِنْ فِتيانِها فيَأبى وَيَعتَصِمَ عَليْها
وَهيَّ ألامْرأةُ الناهِيَةُ فِي قََصْرِها وَالسَيِّدَةُ المُطاعَة فِي خَدَمِها وَحَشَمِها
أيا لَها مِنْ حِـيرَةٍ فِي أمْـرِها, فاسْتَطارَت مِنهُ غَضْباً, وَهاجَ هائِجُها بـهِِ
بَطشاً, وَأرادَّت بـهِ سُؤَها امتِناعاً مِنهُ لِعَزتِها (وَِلَقد هَمَت بـهِ) لَّمَا أرادَ
أيَسْبِقَ الباب الأوَل فَوَجَدَهُ مُقفَلاً فَضَحِكَت وَقالَت: إلى أيْنَ المَفَـر, فَقالَ
يا إلهِّي اجْعَل لِي مَخْرَجاً ففُتِحَت لَـهُ الأبْوابَ السَبْعَةَ بِإذنِهِ تَعالى فَسَبَقَ
الباب الأوَل, فَجَعَلَ اللهُ القـُفلَ يَتَناثَر وَيَسْقـُط, فَهَرَبَ يُوسُف, فَأسْرَعَت
وَراءَهُ عَـدْواً لاَ يَطِيقُها الصَبْرُ وَأرادَت بـهِ بطْشاًَ لإنتِقاماها مِنهُ لِعِزَتِها
(وَهَمَ بِها) هَمَّهُ: أيَسْبقَ الأبْوابَ السِتَةَ المُتَبَقِيَة وَإذا هِيَّ تَتَناثَرُ أقفالُها
فأسرَعَ جَرْياً حَتى لاّ يَلْقى بِنَفسِهِ الشَرَ بالشَرِ, ويَصِدُ الضَرْبَ بالضَرْبِ
وَكـانَ الخَلاصُ وَالفِـرارُ مِنها خَـيْرٌ لَـهُ مِـنْ مُقاتلَتِـها, وَالمُسالَمَةُ خَـيْرٌ
لِنَفسِهِ مِنْ مُواثبَتِها: لأنَ الهَمَّ هُوَ العَزْمُ فَمَا مِنْ أحَـدٍ إلاّ وَهُوَ يَهُمُّ بأمْرٍ
خَيْراً كانَ أوْ شَراً, وَكانَ هَـمُّ يُوسُف غايَتَهُ الوصُولُ إلى آخِرِ بابٍ دُونَ
وقُوعِ الفاحِشَةِ مَا بَينَ كُلِّ بابٍ مِـنَ الأبْوابِ السَبْعَةِ لَّمَا أسْرَعَت وَراءَهُ
عَدواً لاَ يُطِيقُها الصَبْرُ إلاَ أنْ يُواقِعُها,,
أمَا الصِفةُ الثانِيَة الْهَمُّ فِي ثَلاثٍ: هَـمٌ ثابِتٌ مَعَهُ عَـزْمٌ وَرِضا نَفسِي كَمَا
أرادَت زُلَيْخَةَ مِنْ يُوسُف مُواقَعَتُها، وَهَمٌ مَذمُومٌ يُؤخَذ بهِ صاحَبهُ بالإثمِ
وَهَمٌّ بِمَعنى خاطِرَةُ قَلْبٍ أوْ حَدِيث نَفسٍ مِنْ غَيْرِ فِعلٍ فَلاَ يُؤْخَذ بِصاحِبِهِ
بِسُوءٍ,,
وَإنْ فَسَرْنا: هَـمُّ يُوسُف فَنَجِدهُ مُجَرَد خاطِرَةُ قلْبٍ مِنْ غَـيْرِ حَزْمٍٍ وَعَزْمٍ
كَصِفَةِ الصَائِمِ الذِي يَرى الماءَ البارد مِنْ يَوْمِـهِ الحار فتَمِيلُ نَفسَهُ إليهِ
وَلكِن يَمنَعَهُ دِينَهُ, كَذلِكَ مَازالَ يُوسُف مُمْسِكاً بِإشْرافِ النبُوَةِ فِي نَفسِهِ
فَيَمْنَعَهُ دِينَهُ عَنْ ارتِكابِ الفاحِشَةِ, فاسْتَجابَ لأمْرِ رَبِّهِ فَامْتَنَعَ وَاعتَصَمَ
عَليْها, وَباعتِصامِهِ أحَبَّهُ الله وَقالَ بِحَقِهِ لَنا (لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الماضِي وَلَيْسَ الحاضِر, لأنَ اللهَ لَمْ يُقُل لَوْلاَ أَنْ يَرى بُرْهَانَ رَبِّهِ,,
وَالمُؤَوَلُ هُوَ: لَوْلاَ أنْ رَأى نُورَ اللـَّهِ قَََـَد أبْرَقَ فِي عَيْنَيهِ فاسْتَضاءَ بـهِ
مِنْ ذالِكَ البُرهانُ الأوَل: فَكانَ يُوسُف بِـهِ حَلِيفُ الصَمْتِ وَالسِكُوت لَـمْ
يَفصَحَ عَنهُ لأخْوَتِهِ فَجَعَلَهُ فِي قَلْبِهِ بَصِيرَةٌ يَستَنِيرُ بِهِ وَفِي عَقلِهِ مَذكَرَةٌ
يَخْرجُ بِـهِ مِنْ عَواقِبِ الدَهْـرِ يُشاهِدُهُ فِي كُلِّ ساعَةٍ فَيَتَذكَرَهُ بِمَا أدَخَرَهُ
اللهَ لَهُ وَهُوَ البُرهانُ الذِي أنْطَلَقَ فِي ذاتِـهِ حِينَ رَأى تَعزيزاً مِنْ رُؤْيَتِهِ
التِي أوْصَلْتهُ إلى مَخايِّلِ الرَجاءِ حِينَ أسْتَيْقَظََ مِنْ نوْمِهِ وَهُـوَ مَشْرُوحُ
الصَدرِ, مَصْقولُ الذِهْـنِ, مُطْلـََقُ النَفـسِ بالأمَلِ المُحَقَقِ, وَقَـَد أُفسِحَت
أمامَهُ رُقَعَـةُ البُشْرى بِأنَـهُ السَيِّدُ المُطاعُ ذا الشَـرَفُ وَالسُلْطان بِعَظِيمِ
القتَدرِ حِينَ رَأى الشَمْـسَ وَالقَمَــرَ وَالكَواكِـبَ ساجِديـنَ لَـهُ عَلى دَلالَـةِ
بُرهانِـهِ المَغرُوس فِي قَلْبـِِهِ مِـنَ رُؤْيَتِـهِ المَصْحُوبَةِ بِطَهارَتِهِ,, فَسَبَـقَ
الإمْتِناعُ بالبُرهانِ قَبْـلَ وقُوعِهِ بالفاحِشَةِ: فَأيْقنَ يُوسُف بأنَها البُرهانُ
الأوَل المُلازم لِنبُوَّتِـهِ التِي أوْصَلَتـْهُ فِي بَلائِـهِ إلى البُرهانِ الثانِـي لَـمَّا
ألْقُوه أخْوَتَهُ فِي البِئْرِ لِيَمُوتَ فسَقَطَ فِي الماءِ فأنزَلَ اللهُ جُبرائِيلَ وَكانَ
نِزُلَهُ عَلَيهِ أسْرَعُ مِنَ البَرقِ فَرَفَعَهُ إلى صَخْرَةٍ مِنَ البئْرِ وَهُمْ لاَ يَعلَمُونَ
فَنادُوه: فأجابَهُم يُوسُف بِظـَّنِّ رَحمَتِهِم, فَأرادُوا رَضْخَهُ بصَخْرَةٍ عاتِيَةٍ
فمَنَعَهُم يَهُوذا: وَقالَ, جُبْرِيـلُ يا يُوسُف نادِيهُم بِمَا أُنْـزِلَ عَليْكَ بُرهانـاً
يَكُونُ لَكَ حِجَةً عَلَيْهِم (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـذَا) بِمَا يُؤوِّيِكَ رَبُّـكَ وَيُحمِيكَ
فِي الصُغَرِ حَتى يَسْتَويَّ شَبابكَ وَتَكْتَمِل قُوَتُكَ: ثمَ يُؤهِلُكَ لِلنبُوَةِ (وَهُـمْ
لَا يَشْعُرُونَ) بأيِّ أرْضِ تَعِيش, ثـُمَ يَجمَعَهُم الله وَتَراهُم,,
أمَّـا البُـرهانُ الثالِـث المُـلازم لِرُؤيَتِـهِ فِـي نِبُوَتِــهِ مَـعَ الدَلائِـل الثَلاثِــةِ
المَذكُورَةِ فِي عِصْمَتِهِ التِي فَتَحَ اللـَّهُ مِنْها باباً لَـهُ فلَنْ يُضِرْهُ مَا أُغْلِقَ
عَلَيهِ الأبْوابَ السَبعَةَ بَعدَ إكْرامٍ بِمَا فـُتِحَت لَـهُ, فألتَفَتَ إلى زُلَيْخَةََ وَإذا
هُوَ يَراها كَأُنثى القِرد كَشَرَت أمامَهُ, وَعَلى يَمِينِهِ صُورَةَ أبيهِ أبْصَرَها
اللهُ لَهُ مِنْ جِدارِ الغُرفَةِ وَصَوَتَهُ يَصُكَ مَسامِعَ يُوسُف وَيُذكِرُهُ فِي نِبُوَتِهِ
حِينَ قالَ يا بُنَيََّّ (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقـُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِـنْ قَبْـلُ إِبْرَاهِيـمَ
وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
عزيزي إذا أردتَ إكمال قراءَة قصَة يُوسُف
بخمسةِ عشَر جزءاً أفتَح هذَينِ الرابطَيْن
رابط قصة يوسف العشرة الأولى
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788
رابط قصة يوسف الخمسة الثانية
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788&page=2
عَزيزي إنْزِل تَحَت وَأكْمِل تَفسِير المُراوَدَة
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
((سِيناريُو قِصَـة يُوسُـف المَعرُوضَة فِي قَـَناةِ الكَوْثـَرِ الفَضائِيَـة))
هِيَّ مِـنْ تَفاسِيرِ العَلامَة المُحَقِق الشَيخُ الحَجاري الرُمَيثِي مِـنْ العِـراق
التِي بَيَّنَ تَفسِيرُها بالإشارَةٍ صُورَةً وَبالكَلامِ تَمْثِيلاً
فَلَـوْ قارَنتِمُوها بَيْنَ تَفاسِـيرِ العُلَماءِ الأحياء مِنهُم
وَالأمْوات لَـمْ تَجِـدُوا لَهُـم قَلَـماً لاَمِـعاً يُعَـبِرُ عَنْهـا
بإخلاصِ عَميقٍّ مِثلَّما فَسَّرَها لَكُم الشَيْخُ الحَجاري
بخَمْسَةِ عَشَر جزءًا لِكُلِّ جزْءٍ يَحتَوِّي عَلى ثَلاثَةِ حَلَقاتٍ
أرْجُو بَيانُ الإشادَة مِنكُم وَالرَدُ عَليْها بَعدَ المُقارنَةِ
وَمِنَ اللهِ التَوفِيق,,
(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)
عَـنْ الإمـامِ عَليِّ بـنَ مُوسى الرِضا عَليـهِ السَلام: حِـينَ سَألَـهُ الخََلِيفَة
المَأمُون العبّاسِي قائِلاً ألاَ تَقولُونَ أنَّ الأنبياءَ مَعصُومُون, فَقال الإمام
(بَلى) فقالَ المَأمُون فمَا تَفسِيرُ هذِهِ الآيَة (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِـهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا
أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّـهِ) قال: الإمام لكِنَهُ كانَ مَعصُوماً وَالمَعصُوم لاَ يَهمُّ
بذَنبٍ وَلاَ يَأتِيهِ: فقالَ المَأمُون للهِ درُّكَ يا أبا الحَسَن,,
وَفِي تَفسِير آيَة اللـَّه العَلامَة السَيد مَحمَد حسين الطَباطبائي فَسَرَ قوْلَه
تَعالى (وَِلَقـَد هَمَت بـهِ) اللامُ فِيهِ لِلقسَمِ، وَالمَعنى: وَأقسِـمُ لَقـَد قصَدَت
يُوسُف بِمَا تـُريدهُ مِنهُ وَلاَ يَكُون الهَّم إلاَ بِأن تَشفَعَ الإرادَةُ بشَيءٍ مِـنَ
العَمَلِ وَقولَـهُ (لَـوْلا أَنْ رَأى بُـرْهَانَ رَبِّـهِ) مَعطـُوفٌ عَلـى مَدخـُولٍ لام
القَسَم مِـنَ الجُمْلَةِ السابِقةِ وَالمَعنى أقسِمُ لَـوْلا رُؤْيَتَهُ برهانَ رَبّـه لَهَمَّ
بها وَكادَ أنْ يُجِيبُها لِمَا تُريدهُ مِنهُ ثمَ بَيَنَ الطَباطَبائِي وَقالَ وَالذِي رآهُ
يُوسُف (عليهِ السَلام) مِنَ برهانِ رَبِهِ وَإنْ لَمْ يُوضِحهُ كلامَهُ تعالى كُل
الإيضاحِ, لكِنـهُ عَلى أيِّ حالٍ: كـانَ سَـبباً مِـنْ أسبابِ اليَقِـين لاَ يُجامِعَ
الجَهْل وَالضَلال بتاتاً، ويَدِلُ عَلى أنَـهُ كانَ مِـنْ قبيلِ العِلْم قـَوْل يُوسُف
فِـيما يُناجِيَّ رَبَـهُ كَمَا سَيَأتِي (وَإِلَّا تَصْـرِفْ عَنِّي كَيْدَهُـنَّ أَصْـبُ إِلَيْهِـنَّ
وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وَفِي تَفسِيرِ السُنَةَ: ذكَـرَ النَسْفِي فِـي تَفسِرِهِ عَمَا نَقَلَهُ وَلَـمْ يَذكـر اسْماً
لِمُفَسِرٍ (وَهَمَ بِها) قالَ وَفيهِ أيْضاً إشعارٌ بالفَرقِ بَينَ الهَمَينِ وفسَرَ هَمَّ
يُوسُف بأنهُ حَـلَّ تَكَـة سَراويلَهُ وَقعَدَ بـينَ شعبِها الأرْبَع وَهِيَّ مُسْتَلْقِيَةٌ
عَلى قَِفاها، وَفَسَرَ البُرهان بأنـهَ سَمَعَ صَوْتاً إياكَ وَإياها مَرتَيِن فسَمَعَ
ثالِثاً أعرَضَ عَنها فلَمْ يَنْجَع فِيهِ حَتى مُثِلَ لَهُ يَعقوب عاضاً عَلى أنملتِهِ
وَهُوَ باطِلٌ ويَدِلُ عَلى بطلانِهِ قوْلهُ (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) وَلَـوْ
كانَ ذلِكَ مِنهُ أيْضاً لَمَا بَـرَأَ نفسهُ مِنْ ذلِك: وقوله (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ
السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) وَلَوْ كانَ كذلِكَ لَمْ يَكُن السُوءَ مَصْرُوفاً عَنهُ,,
وَفِي تَفسِير الجَلالَينِ (وَلَقَـدْ هَمَّتْ بِـهِ) قَصَدت مِـنهُ الجَماع (وَهَمَّ بِهَا)
قَصَدَ ذلِك (لَـوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّـِهِ) قالَ ابـنُ عَباس مَـثَلَ لَـهُ يَعقوب
فضَرَب صَدرَهُ فَخَرَجَت شَهْوَتهُ مِنْ أنامِلِهِ,,
وَفِي تَفسِير ابنُ عَبد السَلام لِلسُنةِ فَسَرَ قَوْلَهُ تَعالى (وَهَمَّ بِهَا) بِضَربِها
أوْ عَزَمَ عَلى وِقاعِها فَحَلَ الهَمَيانُ وَهُوَ السَراوِّيل وَجَلَـسَ مِنها مَجْلِس
الرَجُل مِنَ المَرَأةِ (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) نُودِيَّ أتَزنِي فتَكُون كَطائِرٍ
وَقعَ رَشَهُ فذَهَبَ يَطِيرُ فلَمْ يِسْتَطِع، أوْ رِأى صُورَة أبيه يَقول أَتَهِمَ بفِعلِ
السُفَهاءِ وَأنتَ مَكْتوبٌ فِي الأنبياءِ فخَرَجَت شَهْوَتهُ مِنْ أنامِلِهِ,,
تفسِيرُ العلامَة الشيخ الحَجاري الرُمَيثي مِن العِراق
هَوَ الذي يُطابق تفسِرَهُ مُسلسَل يُوسُف المَعرُوض في
قناةِ الكوثر الفضائِيَة بكُلِّ حلقاتِها بالصُورةِ والحَركَةِ
والفِعلِ والإشارَةِ والكَلام من دُون هذهِ التفاسير الواهِيَة
التِي تُشوه صُورَة الأنبياءَ المَعصُومِين؟؟
وإليكُم هذا التفسِيرُ وَبحَلقةٍ واحِدَة
(هَلْ أيْقنَ الناسُ بِكَلامِ المُفَسِرينَ: أمْ بِمَا فَسَّرَ الشَيْخ ألحَجاري: وَقال)
أوَلَيْسَ هـذا البَلاءُ مِحنَةٌ عَظِيمَةٌ أعـْظَمُ عَلى يُوسُفَ مِـنْ مِحنَةِ أخْوَتِـهِ
عَليْهِ وَصَبْرُهُ عَلى المُراوَدَةِ هُوَ أعظَمُ أجْـراً مِنْ كُـلِّ المِحَنِ, وَاختِيارَهُ
الصَـبْر عَلـى العَـذابِ مَـعَ وجُــودِ الداعِـي بِمُراوَدَتِــهِ, وإجــبارِهِ عَلـى
الفَواحِشِ, وَرَغَبَة السِجْن أهْوَنُ عَليْهِ مِنْ مُراوَدَتِها لَهُ, وَالمُراوَدَةُ هُوَ
النِزاعُ الذِي بَدَّأتْ بِـهِ زُليْخَةَ مِـنْ يُوسُفَ فِي طَلـََبِ مُواقَعَتِها وَبِرَغبَتِها
وَكانَ ألأمْـرُ شَدِيـدٌ علَيـهِ لِمُطاوَعَتِها حِـينَ أخَذَت تَذهَـبُ وَتَجِئُ أمامَـهُ
تَعرِضُ عَلَيْهِ مَحاسِنُها وَهُـوَ يَشْعِرُ بِسُلْطانِها كَيْفَ نزَلَت إليـهِ بمَفاتِنِها
لِتَصْرِفُهُ عَـنْ نَفسِـهِ إلى مُواقَعَتِها بَعـدَ أوْصَدَت عَليْـهِ الأبْـوابَ السَبعَةَ
(وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) هَيْتَ اسْمُ فِعـْلٍ: بَـلْ هَلـُمَ مَعِـي يا يُوسُفُ إلـى سَريـرِ
النَومِ لَقَد تَهَيْأتُ لَكَ فاسْتَدَلْتُ الحُجُبَ مِنْ مَنافِذِها وَأغلَقتُ الأبْوابَ مِنْ
مَداخِلُها وَفرَقتُ العَبيدَ وَالحَشَم فَاسْتَغرَبَ يُوسُفُ مِنْ وقُوعِ الفِعلِ مِنهُ
بِها, فَقـَدَمَ مَحَبَةُ اللـَّهِ عَليْها بِأوَلِ دَلِـيلِ أنذَرَها (قَالَ مَعَاذَ اللـَّهِ) وَحَركَ
شَفَتاه إخفاتاً: وَقالَ عُذتُ بِرَبِّي مِنها أعُـوذُ عَوْذاً وَعِيَاذاً وَمَعاذاً, فَلَجَأ
إلى مَلْجَئٍ وَلاذَ بِمَلاذٍ عائِـذ ٌباللـَّهِ مِـنْ كُـلِّ شَـرٍ, فَجَعَـلَ الفاعِـلُ مَوْضِعِ
المَفعُولِ وَهُـوَ العِيَاذُ باللـَّّهِ مِنها حَتى قالَ لَها بدَلِيلِهِ الثانِي (إِنَّـهُ رَبِّي)
الذِي هوَ بَعلُكِ الآنْ قَََََـََد (أَحْسَنَ مَثْوَايَ) بإقامَتِي وَتَربيَتِي, وَأكْرَمَ فِدايَّ
وَأحْسَنَ قَدْري, وَرَفَـعَ مَقامِي مِـنْ بَـيْنِ العَبيد وَالحَشَم بَعـدَ أنْ اتَخَذَنِي
وَلَـداً لَـهُ, وَحاشايَّ أنْ أخُونَـهُ فِي زَوْجِهِ وَهِيَّ بِمَثابَـةِ الأُم لِي,, فَقـَدَمَ
يُوسُف لَها الإحسانُ بالإخْلاصِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الإيمانِ وَالإسْلامِ
مَعاً, وَأطْلَـقَ بإحسانِـهِ الإشارَةَ إلى المُرَاقَبَـةِ وَحُسْـنِ الطاعَـةِ عِندَّهُـم
لِطاعَتِهِ لَهُم,, فامْتَنَعَ وَاعتَصَمَ عَليْها وَأفلَحَ لِرَّبِـهِ الكَريم وَقالَ: بِدَلِيلِـهِ
الثالِث لَها (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) بالفَوْزِ بارتِكابِهِم مِثلُ هذِهِ الفَواحِشُ
النَكِرَة, وَالآيَةُ تَدِلُ بِقَوْلِهِ بأنَ غَرائِزَهُ الجِنسِيَة مَا كانَت طَوْعَ نَفسِهِ لَمّا
شاهَدَ مُثِيرات زُلَيِْخَةَ فأفْلَحَ لِرَبِّـهِ فَاصَطَرَعَ العَقلُ غَرِيزَتَهُ بإيمانِهِ الذِي
جَعَلَ لَهُ سَهْماً بصَبْرهِ أمامَ كُلِّ المِحَنِ وَالشَدائِدِ التِي أبتَلى بِها,,
قالَت يا يُوسُفُ: هـذا لاّ يُنكَرُ: وَلكِن اسْتَمَلْتـُكَ لِنَفسِي, وَتَنَكَّبَتُ بالزِّينَةِ
وَتَشَقَقتُ بالتَجَمِيلِ لأجْـلِ أنْ أضْجَعُكَ عَليً: أفـَلاّ تَتَخَيَلَ مَا ألبَسْتُكَ تِلْكَ
الثيابِ الفضْفاضَةِ وَالعِطُورِ العَبَقَةِ الشَذِيَة لأَخْلِوَّ بِكَ مَا يَثِيـرُ غَريزَتِي
بِسِحرِ جمالِكَ المَكْنُون,,
قالَ: إنِي أخافُ رَبِّي أنْ يَرانِي عَلى مَعصِيَةٍ فَيَذهَب بِنَصِيبي مِنَ الجَنَةِ
قالَت: وَمَِا سَدُكَ مِنْ رَبِّ الآلِهَةِ آمُـونَ سَأضَعُ عَليهِ برْدَةً فأغَشِيَهُ مِـنْ
حَيْثُ لاَ يَرانا؟؟ قالَ, رَبِّي يَرى بَيْنَ حُجُبِ السَماواتِ السَبْعِ إلى أطْباقِ
السَبْعِ الثَرى, ويَسْمَعُ مَا جَهَرَ وَمّا خَفِيَّ, وَآمُـونَ إلهَكُم هـذا لاَ يَبصِرُ
إلى مَنْ كانَ حَوْلَهُ أصَّمٌ أبْكَمٌ لاَ يَعلَمُ إلاّ هُوَ حَجَرٌ لاَ يَنفَعُ وَلاَ يَضُرُ, وَلاَ
يُغنِيَّ عَنكُم شَيْئاً,,
فَأيْقَنَت زُلَيْخَةَ بِأنَ الصَنَمَ آمُون لاّيَغنِيَّ عَنها شَيْئاً فأخَذَت تُكَلِمُهُ وَقالَت
أيُها الصَنَمُ المُعَظَم بعِبادَتِي لَكَ, وَحُبِّي فِيكَ, هَـلْ وَجَدتَ مُؤنِساً يُسَلِيَكَ
مِثلُ هذا الفَتى الجَمِيلُ اسْتَمَلْتَهُ لِنَفسِي فَآبى وَأعتَصَمَ عَليَّ, فَهْدِيَهُ إلِيَّ
وَقَرِبَهُ مِنْ نَفسِي فإنِي لاَ أُطِيقُ عَلى فِراقِهِ صَبْراً, فَتَحَرَكَ الصَّنَمُ وَكانَ
نَمٌ ذهَبٌ أحمَرُ فوَقعَ عَلى وَجْهِهِ كَأنَهُ خَشِيَّ مِنْ عَمَلِها الفاحِش وَتَقَطَعَ
إرباً إرْبـا,, فقالَت مَا الذِي أصابُكَ أيُها الصَنَمُ هَـلْ صَدَقَ يُوسُفُ عَـمَا
سَفهَكَ بِقَولِهِ؟؟
فَقالَ لَها يُوسُف: رَبِّي فعَلَ بـهِ ذلِك لِسِجُودِكِ لَـهُ، قالَت مَنْ هُوَ رَبُّك؟؟
قالَ: رَبُّ إبراهِيمَ وَإسْحاقَ وَيعقوبَ، هُـوَ الرَبُّ الذِي خَلَقنِي وَخَلَقَكِ,,
قالَت: كَيْـفَ يَعلَـم بسِجُودِي لِصَنَمٍ؟؟ قالَ: أنذَرتـُكِ بِـهِ وَهُـوَ غائِبٌ عَـنْ
الأبْصارِ وَلاّتُغِيب عَنهُ الأبْصار وَهُوَ الذِي (لَاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصَارَ) رَبِِّي لاَ إلـهَ إلاّ اللـَّه (بِيَـدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْـهِ تـُرْجَعُونَ)
قالَت يا يُوسُفُ: إنَنِي أحبَبْتُ إلهِكَ بِحُبِّكَ لَهُ إياه فَلَوْلاَ أَنَ لِي إلهاً أعبِدَهُ
لَعَبَدتُ إلهِكَ، وَلكِنَ عِبادَةَ إلهَيْنِ قَبيحَةً,,
شاهِد فِيديُو المُراودَة وَفتح الأبْواب السَبعَة وَقارنَهُ مَعَ التفسِير
https://www.youtube.com/watch?v=EBkn6wvpZL4&feature=youtu.be
وَقوْلَهُ تَعالى
(وَلَقَـَدْ هَمَّتْ بِـهِ وَهَمَّ بِهَا
لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الهَّمُ فِي مَوْضَعَيْن: ألأولُ كانَ هَمُّها لِتَضْجَعَهُ عَليْها إجْباراً لِمُطاوَعَتِها
وَرَغبَةً فِي مُراوَدَتِها لَـهُ,,
أمَّا الثانِي: إذا لَـمْ يُطاوعُها يُوسُـف يُسْجَنَ وَيُعَـذَبَ بِعَـذابٍ ألِيـمٍ, لأنَها
اسْتَطارَت مِـنْ غَضَبِها عَلَيـهِ لِكَـوْن فِيـهِ حُسْـن الحال مِـمَّ رَضَـعَ لـُبان
الحِكْمَةِ وَتَرَعرَعَ فِي كَنفِ الرسالةِ وَأعَـدَّهُ الله لِشَرَفِ النبُوَةِ,, وَامْـرأةُ
العَزيز فِي سَطَوَتِها وَجَمالِها تَدَعُ فتىً مِنْ فِتيانِها فيَأبى وَيَعتَصِمَ عَليْها
وَهيَّ ألامْرأةُ الناهِيَةُ فِي قََصْرِها وَالسَيِّدَةُ المُطاعَة فِي خَدَمِها وَحَشَمِها
أيا لَها مِنْ حِـيرَةٍ فِي أمْـرِها, فاسْتَطارَت مِنهُ غَضْباً, وَهاجَ هائِجُها بـهِِ
بَطشاً, وَأرادَّت بـهِ سُؤَها امتِناعاً مِنهُ لِعَزتِها (وَِلَقد هَمَت بـهِ) لَّمَا أرادَ
أيَسْبِقَ الباب الأوَل فَوَجَدَهُ مُقفَلاً فَضَحِكَت وَقالَت: إلى أيْنَ المَفَـر, فَقالَ
يا إلهِّي اجْعَل لِي مَخْرَجاً ففُتِحَت لَـهُ الأبْوابَ السَبْعَةَ بِإذنِهِ تَعالى فَسَبَقَ
الباب الأوَل, فَجَعَلَ اللهُ القـُفلَ يَتَناثَر وَيَسْقـُط, فَهَرَبَ يُوسُف, فَأسْرَعَت
وَراءَهُ عَـدْواً لاَ يَطِيقُها الصَبْرُ وَأرادَت بـهِ بطْشاًَ لإنتِقاماها مِنهُ لِعِزَتِها
(وَهَمَ بِها) هَمَّهُ: أيَسْبقَ الأبْوابَ السِتَةَ المُتَبَقِيَة وَإذا هِيَّ تَتَناثَرُ أقفالُها
فأسرَعَ جَرْياً حَتى لاّ يَلْقى بِنَفسِهِ الشَرَ بالشَرِ, ويَصِدُ الضَرْبَ بالضَرْبِ
وَكـانَ الخَلاصُ وَالفِـرارُ مِنها خَـيْرٌ لَـهُ مِـنْ مُقاتلَتِـها, وَالمُسالَمَةُ خَـيْرٌ
لِنَفسِهِ مِنْ مُواثبَتِها: لأنَ الهَمَّ هُوَ العَزْمُ فَمَا مِنْ أحَـدٍ إلاّ وَهُوَ يَهُمُّ بأمْرٍ
خَيْراً كانَ أوْ شَراً, وَكانَ هَـمُّ يُوسُف غايَتَهُ الوصُولُ إلى آخِرِ بابٍ دُونَ
وقُوعِ الفاحِشَةِ مَا بَينَ كُلِّ بابٍ مِـنَ الأبْوابِ السَبْعَةِ لَّمَا أسْرَعَت وَراءَهُ
عَدواً لاَ يُطِيقُها الصَبْرُ إلاَ أنْ يُواقِعُها,,
أمَا الصِفةُ الثانِيَة الْهَمُّ فِي ثَلاثٍ: هَـمٌ ثابِتٌ مَعَهُ عَـزْمٌ وَرِضا نَفسِي كَمَا
أرادَت زُلَيْخَةَ مِنْ يُوسُف مُواقَعَتُها، وَهَمٌ مَذمُومٌ يُؤخَذ بهِ صاحَبهُ بالإثمِ
وَهَمٌّ بِمَعنى خاطِرَةُ قَلْبٍ أوْ حَدِيث نَفسٍ مِنْ غَيْرِ فِعلٍ فَلاَ يُؤْخَذ بِصاحِبِهِ
بِسُوءٍ,,
وَإنْ فَسَرْنا: هَـمُّ يُوسُف فَنَجِدهُ مُجَرَد خاطِرَةُ قلْبٍ مِنْ غَـيْرِ حَزْمٍٍ وَعَزْمٍ
كَصِفَةِ الصَائِمِ الذِي يَرى الماءَ البارد مِنْ يَوْمِـهِ الحار فتَمِيلُ نَفسَهُ إليهِ
وَلكِن يَمنَعَهُ دِينَهُ, كَذلِكَ مَازالَ يُوسُف مُمْسِكاً بِإشْرافِ النبُوَةِ فِي نَفسِهِ
فَيَمْنَعَهُ دِينَهُ عَنْ ارتِكابِ الفاحِشَةِ, فاسْتَجابَ لأمْرِ رَبِّهِ فَامْتَنَعَ وَاعتَصَمَ
عَليْها, وَباعتِصامِهِ أحَبَّهُ الله وَقالَ بِحَقِهِ لَنا (لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الماضِي وَلَيْسَ الحاضِر, لأنَ اللهَ لَمْ يُقُل لَوْلاَ أَنْ يَرى بُرْهَانَ رَبِّهِ,,
وَالمُؤَوَلُ هُوَ: لَوْلاَ أنْ رَأى نُورَ اللـَّهِ قَََـَد أبْرَقَ فِي عَيْنَيهِ فاسْتَضاءَ بـهِ
مِنْ ذالِكَ البُرهانُ الأوَل: فَكانَ يُوسُف بِـهِ حَلِيفُ الصَمْتِ وَالسِكُوت لَـمْ
يَفصَحَ عَنهُ لأخْوَتِهِ فَجَعَلَهُ فِي قَلْبِهِ بَصِيرَةٌ يَستَنِيرُ بِهِ وَفِي عَقلِهِ مَذكَرَةٌ
يَخْرجُ بِـهِ مِنْ عَواقِبِ الدَهْـرِ يُشاهِدُهُ فِي كُلِّ ساعَةٍ فَيَتَذكَرَهُ بِمَا أدَخَرَهُ
اللهَ لَهُ وَهُوَ البُرهانُ الذِي أنْطَلَقَ فِي ذاتِـهِ حِينَ رَأى تَعزيزاً مِنْ رُؤْيَتِهِ
التِي أوْصَلْتهُ إلى مَخايِّلِ الرَجاءِ حِينَ أسْتَيْقَظََ مِنْ نوْمِهِ وَهُـوَ مَشْرُوحُ
الصَدرِ, مَصْقولُ الذِهْـنِ, مُطْلـََقُ النَفـسِ بالأمَلِ المُحَقَقِ, وَقَـَد أُفسِحَت
أمامَهُ رُقَعَـةُ البُشْرى بِأنَـهُ السَيِّدُ المُطاعُ ذا الشَـرَفُ وَالسُلْطان بِعَظِيمِ
القتَدرِ حِينَ رَأى الشَمْـسَ وَالقَمَــرَ وَالكَواكِـبَ ساجِديـنَ لَـهُ عَلى دَلالَـةِ
بُرهانِـهِ المَغرُوس فِي قَلْبـِِهِ مِـنَ رُؤْيَتِـهِ المَصْحُوبَةِ بِطَهارَتِهِ,, فَسَبَـقَ
الإمْتِناعُ بالبُرهانِ قَبْـلَ وقُوعِهِ بالفاحِشَةِ: فَأيْقنَ يُوسُف بأنَها البُرهانُ
الأوَل المُلازم لِنبُوَّتِـهِ التِي أوْصَلَتـْهُ فِي بَلائِـهِ إلى البُرهانِ الثانِـي لَـمَّا
ألْقُوه أخْوَتَهُ فِي البِئْرِ لِيَمُوتَ فسَقَطَ فِي الماءِ فأنزَلَ اللهُ جُبرائِيلَ وَكانَ
نِزُلَهُ عَلَيهِ أسْرَعُ مِنَ البَرقِ فَرَفَعَهُ إلى صَخْرَةٍ مِنَ البئْرِ وَهُمْ لاَ يَعلَمُونَ
فَنادُوه: فأجابَهُم يُوسُف بِظـَّنِّ رَحمَتِهِم, فَأرادُوا رَضْخَهُ بصَخْرَةٍ عاتِيَةٍ
فمَنَعَهُم يَهُوذا: وَقالَ, جُبْرِيـلُ يا يُوسُف نادِيهُم بِمَا أُنْـزِلَ عَليْكَ بُرهانـاً
يَكُونُ لَكَ حِجَةً عَلَيْهِم (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـذَا) بِمَا يُؤوِّيِكَ رَبُّـكَ وَيُحمِيكَ
فِي الصُغَرِ حَتى يَسْتَويَّ شَبابكَ وَتَكْتَمِل قُوَتُكَ: ثمَ يُؤهِلُكَ لِلنبُوَةِ (وَهُـمْ
لَا يَشْعُرُونَ) بأيِّ أرْضِ تَعِيش, ثـُمَ يَجمَعَهُم الله وَتَراهُم,,
أمَّـا البُـرهانُ الثالِـث المُـلازم لِرُؤيَتِـهِ فِـي نِبُوَتِــهِ مَـعَ الدَلائِـل الثَلاثِــةِ
المَذكُورَةِ فِي عِصْمَتِهِ التِي فَتَحَ اللـَّهُ مِنْها باباً لَـهُ فلَنْ يُضِرْهُ مَا أُغْلِقَ
عَلَيهِ الأبْوابَ السَبعَةَ بَعدَ إكْرامٍ بِمَا فـُتِحَت لَـهُ, فألتَفَتَ إلى زُلَيْخَةََ وَإذا
هُوَ يَراها كَأُنثى القِرد كَشَرَت أمامَهُ, وَعَلى يَمِينِهِ صُورَةَ أبيهِ أبْصَرَها
اللهُ لَهُ مِنْ جِدارِ الغُرفَةِ وَصَوَتَهُ يَصُكَ مَسامِعَ يُوسُف وَيُذكِرُهُ فِي نِبُوَتِهِ
حِينَ قالَ يا بُنَيََّّ (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقـُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِـنْ قَبْـلُ إِبْرَاهِيـمَ
وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
عزيزي إذا أردتَ إكمال قراءَة قصَة يُوسُف
بخمسةِ عشَر جزءاً أفتَح هذَينِ الرابطَيْن
رابط قصة يوسف العشرة الأولى
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788
رابط قصة يوسف الخمسة الثانية
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788&page=2
عَزيزي إنْزِل تَحَت وَأكْمِل تَفسِير المُراوَدَة
الشيخ الحجاري الرميثي
مراودة زليخة من يوسف ولقد همت بهِ وهمَّ بها من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
عَزيزي أكْمِل تَفسِير المُراوَدَة
فََعَبَرَ يُوسُف كَلِمَةُ أبيهِ فِي نَفسِهِ وَأيْقنَ وَأعتَصَمَ بأنَ الفاحِشَةََ تَمْحِصُ
نبُوَتَهُ فَلَوْلاّ البُرهانُ الأوَل قَد سَرى فِي نَفسِهِ فَجَعَلَ اللهُ مِنهُ لَـهُ ثَلاثـَةُ
بَراهِينٍ لَكانَ يُوسُفَ مِثلُ سائِرِ الناسِ فِي ارتِكابِ المَعاصِي وَالفواحِش
فجَعَلَ اللـَّهُ البُرهانَ الأوَل: دَلِيلٌ لَـهُ عَلى إبـاءِِ المَعصِيَةِ وَعَـدَمِِ ارتكابِ
الفَواحِشِ بإخْراجِ نَفسِهِ مِنَ السُوءِ, وَلِهذا بَيَّنَ اللهُ بِدَلِيلِهِ الرابِع: وَقالَ
(لِنَصْرِفَ عََنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) الآيَـة تَدِلُ بأنَ يُوسُفَ مُنْصَرفٌ عَـنْ
السُوءِ وَالفَحشاءِ بإحسانِهِ وَطهارَتِهِ قَبْلَ أنْ يَصْرِفُهُ اللـَّه عَنهُ, وَدَلِيلُنا
هُوَ جَوْهَرُ الآيَة فإنَها قَد نَزَلَت فِي مَحَلِ الدَفِعِ لاّ فِي مَحَلِ الرَفعِ لأنَ اللهَ
لَـمْ يَقـُل لِنَصْرِفـَهُ عَـنْ السُـوءِ وَالفحشاءِ, وَلَـمْ يَقـُل لِنَصْرفَ مِِـنهُ كَـي
تَتَنَاسِب مَعَ مَحَلِ الرَفعِ لِرَفعِ السُوءَ وَالفَحشاءِ عَنْ يُوسُف: بَـلْ جَعَلَها
اللهُ بِمَحَلِ (الدَفعِ) لِدَفعِ السُوءَ وََالفَحشاءِ عَنهُ, وَلِهذا قالَ اللهُ لِنَصْرفَ
(عَنـْهُ) وَلَـمْ يَقـُل (مِنهُ) حَتى لاَ يَكُونَ الإنتِفاءُ بَيْنَ الخَيْـرِ وَالشَـرِ: كَمَا
نَسَبَ القَدريُونَ وَالجَبْرِيُونَ بأوْهامِهِم الخَيْرَ وَالشَرَ مِنْ عِنـدِ اللهِ تَعالى
وَلكِنَ الشَـرَ لاَ دافِعَ وَلاَ رافِـعَ لَـهُ إذا أرادَهُ الإنسانُ فِي نَفسِهِ, وَبعَكْسِهِ
اللـَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّهُ هُـوَ الذِي يَدفَعُ الشَـرَ وَلاَ يَرفَعَهُ إذا أرادَ أنْ يَقَعَ عَلى مُؤمِنٍ يَحِبُهُ
فَيَدفَعَهُ قَبْلَ وقُوعِهِ عَليهِ, كَذلِكَ العَبْدُ المُؤمِنُ هُوَ الذِي يَرفَعَ عَنْ نَفسِهِ
السُوءَ وَالفَحشاءِ وَلِهذا قالَ اللهُ (قَـدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) بَـلْ فازَ مَنْ طَهَّرَ
نَفسَهُ بالطاعاتِ وَأصْلَحَ عَمَلُها بالصالِحاتِ (وَقََـَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) بَـلْ
خَسِرَ مَنْ أخْفى فَضائِلُها بِسُوءِ أعمالِها,,
فيُوسُفُ مِنْ هذِهِ العباراتِ وَالبَراهِينُ الثَلاثَة وَالدَلائِلُ الأربَعَةَ قَََد صَرَفَ
عَنْ نَفسِهِ السُوءَ وَالفَحشاءِ بِطَهارَتِهِ قَبْـلُ أنْ يَصْرِفُهُ اللـَّهَ تَعالى عَنـْهُ
وَبِمَا أنَ السُـوءَ مَصْـدرُ المَعصِيـةِ, وَالفَحشاءُ ارتِكاب الشَنِيعـةِ كَالزِنـَّا
وَغيرِهِ مِنَ ألأفعالِ: وَمِنْ هذا قََََـَد أنْزَلَ اللهُ بِحَقِّ يُوسُف وَقال (إِنَّـهُ مِـنْ
عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) الذِيـنَ أخلَصَّهُـم لِنفسِـهِ كَصُورَةِ الإخْـلاصِِ سُمِّيَـتْ
لأنَها خاصَةٌ فِي صِفَةِ اللهِ تَعالى: لأنَّ الَّلافظَ بِها قـَدْ أخْلَصَ التَّوحِيدُ للهِ
تَعالى فلَّمَا اسْتَبَقَ يُوسُفُ البابَ هَمَّت وَراءَهُ عَدْواًً فَجَذَبَتهُ مِنْ قمِيصِهِ
وَقدَتهُ مِنْ دُبُـرٍٍٍ وَمَا انتَهى مِنَ البابِ حَتى رآهُ العَزيز,,
هـذا المَوْقِفُ يُثِير الاهْتِمام وَكَيفَ تَكُون المُعالَجَة إلى سَّدِ الأمْرِ: فأبانَهُ
الله وَقالَ (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ
السَبْقُ إلى البابِ هُوَ السِرعَةُ بالخِرُوجِ مِنْ دارِ البِلاطِ,, فخَشِيَّ يُوسُف
أنْ تَجِرَهُ زُلَيْخَة وَتَجْبِرَهُ لاسْتِسْلامِها: وَهِيَّ الإمْرَأةُ الناهِيَة فِي قَصْرِها
وَالسَيدَةُ المُطاعَة فِي خَدَمِها وَحَشَمِها,,
فَهَرَبَ يُوسُف فَلَحُقَت بهِ عِندَ البابِ وَتَعَلَقَت بقَمِيصِهِ فَشَقَتهُ مِنَ الخَلْفِ
فَلَمَا رَأت زَوْجَها عِنـْدَ البابِ قَََـََد صادَفَهُ الحادِثَ: أَرادَت خَدعَـهُ فَتَباكَت
كَيْداً لِتُشْفِيَّ غِلَّ صَدرِها وَحُنقِها عَلى يُوسُفَ لَمَّا امْتَنَعَ عَنْ مُطاوَعَتِها
فَكادَت تَخَرَجَ عَنْ طَبْعِ أنُوثَتِها فِي التَمَنِعِ عَنْ نِكاحِها مِنهُ: وَقالَّت أيُها
العَزيزُ: إنَ هـذا الفَتى لَمْ يَرْعَ حُرمَتُكَ, وَلَـمْ يَحفظَ سِترُكَ فراودَنِي عَن
نَفسي, فلَّوْلاَ خادِمَتِي تُخَلِصَنِي مِنهُ لأَرادَ أنْ يَدنسَ ثوْبي وَيُلْحِقَ العار
بِكَ فمَكَرَّت مُكْراًَ عَظِيماً حَتى أرْضَت نَفس العَزيز وَلَمْ يُؤاخِذُها برَدٍ مِنْ
كِذبِها, وَأمَرَتـْهُ بسِجْنِ يُوسُفَ, أوَ تَعذِيبَهُ قائِلَةً لَـهُ (ما جَزَاءُ مَـنْ أَرَادَ
بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
الجَزاءُ هُـوَ العِقابُ: فَأرادَت زُلَيْخَـةَ تَعذِيبَـهُ فِـي السِجْـنِ جَـزاءً لِعَزَتِها
لِتُجْزيَّ عَليهِ إسْقاطُ التـُهْمَةِ عَـنْ نفسِها,, فَشَهَدَتْ خادِمَةٌ لَها لَمّا رَأت
يُوسُف راكِضاً يَسْتَبِقَ البـاب,, فلَـمْ يَجِـد يُوسُف إلاّ الاعتِرافُ بالواقِـعِ
وَدَفعُ التُهمَةَِ عَنْ نفسِهِ أمام عَزيزَ مِصْرَ (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي)
إفتَح فيديُو الطِفل الذي لمْ تكتَمِل شَفتاه
بالنَطق وَلقد تَكَلَمََ بحَقِّ براءَةِ يُوسُف (ع)
https://www.youtube.com/watch?v=tv9e7RB1z44
لاَ أنَّا: فَهِيَ التِي حاوَلتْ أنْ تَخْدَعَنِي وَتُوقِعَنِي فِي مُواقَعَتِها بالمَعصِيَةِ
قالَ: العزيزُ وَمَا البَينَةُ عَلى صِدْقِ قَوْلِكَ: قالَ يُوسُفُ هـذا الرَضِيعُ مِنْ
أنسابِكُم لاَ أظِنَهُ يَمِيلُ بِحُكْمٍ لِزُلَيْخَةَ يُرادُ بِـهِ حَقَّ باطِلِ, وَلاّ يُريدُ الباطِلَ
حَقاً يُفتَرى بِهِ إليَّ (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا) الشاهِدُ هُنا هُوَ بَيانُ عَقلِي
وَسَمْعِي لاَ يُسَّمى بالطَبْعِ شاهِداً إلاَ البالغ السِن المُكَلَف وَلكِنْ نَصَرَ اللهُ
يُوسُفَ لِيُنْطِقَ أمـامَ العَزيـز بِشاهِـدٍ مِنهُم فِيهُم: فأشارَ إلى الرَضِيعِ أنْ
يَتَكَلمَ بالحَقِّ, فَجَعَلَ اللهُ الشاهِدَ جُبرائِيل الذِي تَمَثلَ بِشَهادَتِهِ عَلى حـالِ
لِسانِ طِفلٍ لَمْ تَكْتَمِل شَفَتاهُ نَطْقاً, فأنْطَقهُ لِيَّشْهَدَ فِي بَراءَةِ يُوسُف وَهُوَ
شاهِدٌ بِأمْرِ اللهِ تَعالى: فإذا أعْتـُبِرَ العِلْمُ مُطْلقاً فَجَبْريلُ هُـوَ المُعلِمُ بِعِلْمِ
اللهِ لِلأنبياءِ وَإذا أُضِيفَ إلى الأمُورِ الباطِنَةِ فهُوَ الشاهِدُ الحَّق دُونَ أنْ
يَـراهُ أحَـدٌ إلاّ يُوسُف,, وَإذا أُضِيفَ إلى الأمُـورِ الظاهِرَةِ فهُـوَ الشَّاهِـدُ
بِلِسانِ نَطْقِ الطِفْلِ, وَقـَدْ يُعْتَبرُ مَعَ هذا أنْ يَشْهَدَ الحَّقُ أمامَ العَزيز بِمَا
كادَّت زُلَيْخَةَ عَليهِ: وَالدَلِيلُ عَلى مِثلِهِ قُرآناً هُـوَ نَظِيـرُ قوْله عَـزَّ وَجَـل
(فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قََدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً) المُتَكَلِمُ عِيسى
بـنَ مَريـمَ لَّمَا وَضََعَتهُ أُمُـهُ كَلَّمَها بلِسانِ جُبْرائِيل؟؟ كَذلِكَ تَحَكَِمَ جُبْريـلُ
الأمِين بَيـْنَ يُوسُفَ وَزُلَيْخَةَ أمـامَ العَزيـز وَبِلِسـانِ الرَضِيع الذِي شَهـِدَ
بالحَقِّ: وَقالَ (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قـُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُـوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)
القـَدُ: هُـوَ الشَّـقُ لِقَمِيصِِ يُوسُـف مِـنَ ألأَمامِ؟ فَقـَرارُ الحُكْمِ يَـدِلُ عَلـى
مُنازَعَتِها وَالتَخَلِص مِنهُ لِصِدقِ دَعوَتِها: فقضاءُ الحُكْم لَها عَليهِ,,
(وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قـُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فَقَرارُ الحُكْمِ
يَدِلُ على هِرُوبِ يُوسُف مِنْ زُلَيْخةَ, ثُمَ اسْتبَقَتهُ إلى الباب فأمْسَكَتهُ مِنْ
قَمِيصِهِ وَقَدَتهُ مِنْ خَلْفِهِ, فقَضاءُ الحُكمِ لَهُ عَليْها,,
ثـُمَ اسْتُأنَفا الحُكْمَيْنِ لأِبانَتِ الحَقِيقَـةِ: وَقالَ الشاهِـدُ (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَـهُ
قـُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) مِنْ هُنا أوْضَّحَ اللهُ لَنـَّا
التَمْيِّيز بَيْـنَ ألآيَتَيْنِ, وَظهَـرَ الحَّقُ بالثالِثَةِ لِيُوسُفَ, فَهِيَّ التِي راوَدَتـهُ
وَقَـَدَّت قَمِيصَهُ مِـنْ دُبـِرٍ,, فالتَفتَ العَزيـزُ مُخاطْباًَ زُلَيْخَةَ (قَالَ إِنَّـهُ مِـنْ
كَيْدِكُـنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيـمٌ) الكَيْـدُ: الاحْتِيالُ وَالاجْتِهَادُ مِنْ عُقـُولٍ كادَهـا
بارِئُها وَأرادَهَا بِسُوءٍ بِعُظَمِ كَيْدِها: ثـُمَ التَفتَ العَزيزُ إلى يُوسُفَ لِيُستِرَ
مَا واجَهَ وَقال (يُوسُف أعْرِِضْ عَنْ هَذا) أيْ: أربْط لِسانُكَ وَتَجَنَب عَنْ
خَـوْضِِ هـذِهِ المُراوَدَة, وَلاَ تُفشيَ خَبْـراً بِمَكْنـُونِ مَا جَـرى: ثـُمَ التَفَـتَ
العَزيز لِزَوْجِتهِ: وَقالَ أنَ يُوسُفَ عَفِيفٌ نَجِيبٌ, بَريءُ العِرْض, سَلِيـمُ
الناحيَةِ وَالشَرَفِ, فأمَا أنتِ (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)
الجِزْءُ الثامِن
(النسْوَةُ يُقَطعَنَ أيْدِيَهُنَ بالسَكاكِين)
(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ)
هـذِهِ صُورَةُ الطَبَقَة المُترَفَة التِي تُحاوِّلُ الحِفاظَ وَالسِّـرَ عَلى المَظاهِـرِِ
البَراقَةِ لِتُغَطيَ عَلى القذارةِ وَتَكْتُم الفضائِحِ وَالأدناسِ وَيَجْعَلُوا العَذابَ
وَالتُهَمِ الباطِلَةِ عَلى الأبْرياءِ الأحرارِ الأبرارِ,,
فهَلْ يَنتَهيَّ ألأمْـرُ إلى هُنـَّا: أمْ تَظْهَرُ لِيُوسُفَ مِحنَةٌ جَدِيدَةٌ؟؟ وَكُـلَّ تِـلْكَ
المِحَنِ ألتِي ابْتَلى بِها, وَالحَبائِلُ التِي نُصِبَت لَهُ, وَالأقاوِّيلُ التِي نُسِجَّت
حَوْلَهُ خَرَجَ مِنها عَفِيفُ النَفسِ طاهِرُ الذَيلِ فبَدَأت ألأيامُ تَحِيكُ لَهُ مِحنَةً
جَدِيدَةً, فأخَّذَت الإقالَة تَتَشَعَب, وَتأخُـذ لَها ألْوانـاًَ وَإشْكالاً, حَتى انتَهَت
وَسَقطّت امْرَأةَ العَزيز مِنْ مَقامِ عِزتِها وَافتَضَحَ أمْرها فِي المَدِينَةِ,,
ألَيْسَ مَا يَجِبُ عَليْها أنْ تَـرْعَ شَرَف بَيتِها,, وَلكِنَها امْرَأةَ القِـحِ تَعَلَقت
بَعَبـدٍ لَها وَراوَدَتهُ, فأمْتَنعَ؟ فألَحَّتْ عَلَيْهِ, فأعتَصَمَ؟ وَكُلَّ ذلِكَ مِنْ أقبْحِِ
الضَلال: حَتى انتَشَرَ خَبَرُها فِي مَحافِـلِ النـُسْوَةِ الحَسْناواتِ مِـنْ بِـلاطِ
المَلْكِ وَأزْواجِ الكَهَنَةِ وَالعَبيـدِ وَالحَشَمِ: كَمَا وَرَدَ ذُكْرهُنَ قـُرآناً (وَقَـالَ
نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تـُرَاوِدُ فَتَاهَا عَـنْ نَفْسِـهِ) لأنَها امْـرَأةُ
القِح تُراودُهُ عَنْ نَفسِهِ إجْباراً عَنهُ وَهُـوَ لا يُريدُ مُواقَعَتِها, وَلكِن ( قَـدْ
شَغَفَهَا حُبّاً) بأمْرِها المُسْتَقبَح مِمَا نَزَلَ حُبُّ فَتاها مِنْ شَغافِ قَلْبِها فَلَمَّا
اقتَـرَنَ حُبّها بالشَهْوَةِ وَسْتَحكَمَ اليَأس مِنـْهُ افتَضَحَ أمْرُها, فَطَلَبَت دَفعُ
العارِ عَنْ نَفسِها بالكِذبِ (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) بِعَمَلِها المُسْتَقبَح
(فَلَمَّا سَمِعَتْ) زُلَيْـخَةَ (بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِـنَّ) رُسُـلاً تـُريـدُ أنْ تـُقِيـمَ
العُذر لَهُنَ وَصْفاً عَنْ نَفسِها لِتُأثِرَ رُؤيَتِهُنَ مِنْ يُوسُف, فَدَعَت أربَعِينَ
امْرَأةً عشْرُونَ مِنْ ذواتِ الأشْرافِ, وَعشْرُونَ بِكْـراً مِـنْ بَناتِ المِلُوكِ
حِـينَ سَمَّعَـت بِمَكْـرِ اللاتِي يَشْتَنَعنَ عَليْها, وَيَنتَقـُصْنَ لَـها مِـنْ عِفَتِها
وَالإشارَة إليْها بالعَيْبِ وَالمَذمَةِ بحُبِّها مِنْ فَتاها فَدَّعَتهُنَ إلى مِسْتَراحٍ
لَها فِي بَيتِها مِنْ أيامِها المُشْرِقَةِ إلى طَعامِها وَشَرابِها (وَأَعْتَدَتْ لَهُـنَّ
مُتَّكَأً) مِمَا هَيَأت لَهُنَ وَسائِدَ الراحَةِ وَمَا يُتَكأُ عَلَيهِ مِنَ الأرائِكِ الوَثِيرَةِ
المُريحَةِ مِـنَ الدِيـباجِ, وَقدَمَـت لَهُـنَ الفاكِهَـةَ وَالمُطَيِّبات, وَأحاطَتَهُـنَ
بالنَعِيمِ الوافِـرِ مَا طابَ وَلـَذ بَعـدَ أنْ خَلَعَـت عَليْهُنَ الحَفاوَةِ (وَآتَتْ كُـلَّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) وَفاكِهَةً, وَكانَت قـَدْ هَيَأت يُوسُف وَألْبَسَتهُ أحسَنَ
الثِيابِ وَهُوَ فِي غايَةِ عُنفوانِ الشباب, ثـُمَ نادَتهُ بِاسْمِهِ المُكَنى عِندَهُم
يُزارْسِيف أُخْـرُج عَليْهُنَ وَمْشِي بَيْـنَ صِفُوفِهِنَ رُوَيْـداً؟ فَخَرَجَ يُوسُفُ
كَأنَـهُ غارَ فِي الأرضِ مِـنْ مَخدَعِـهِ, وَقـَدْ صَبَـغَ الحَـياءُ بِشارَةَ وَجْـهِهِ
وَمَلأهُ الخَجَلُ مِنْ أغمِصَةِ قَدَمِهِ وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ صِفُوفِهِنَ مِراراً, فَلَمَّا
رَأيْنَهُ صارِماًَ, وَهُوَ حُلَو المَلامِحِ, سَمْحُ المَعارف, أبْلَجُ الوَجهُ وَضِيءُ
الغـُرَةِ, وَمِنْ وَراءِِ هِذهِ القسامَةِ نَفساًَ جَمِيلَةً, فَبِهُرْنَ وَأدهُشْنَ وَأذهُلْنَ
مِمَا تَهَيَمْنَ بـهِ فاختَلَطََّت عِقولهُنَ مِـنْ حُسْـنِ جَمالِـهِ,, وَجُعلْنَ يَحْزُزْنَ
أيْدِيَهُنَ بالسَكاكِينَ مِنْ فَرْطِ دَهْشَتِهُنَ وَذِهُولِهنَ يَحتَسُبَنَ يُقطُعَنَ الطَعام
فَلاَ يَشْعُرْنَ مِنْ أثَرِ الجِراح (وَقـُلْنَ) مُتَعَجِبات تَنزِيهاً لِخالِقِهِ (حَاشَ للهِ
مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) فَأعظَمَنَهُ وَأكْبَرَنَهُ لاَ كَبَشَـرٍ بَيْنَهُنَ
وَاعتَقدنَ إنَهُ مَلَكٌ مَوجُودٌ فِي الحَياةِ بالحُسْـنِ وَالجَمالِ الصُوَري, فلَّمَا
رَأيْنَهُ تَغَـيَّرْنَ وَتَحيَّرْنَ وَتَقـَرَرَ عِندَهُنَ جَمالَهُ, وَأعجَبَهُنَ غايَـةَ حُسْـنِهِ
فأخَـذنَ يَتَشاوَرْنَ عَلى طِـيبِ شَمائِلِهِ, وَسُخاتِ صِفاتِهِ, وَعَـنْ مَا رَأيْنَ
مِنْ حُرقََةِ زُلَيْخَة بِصَبْوَتِها عَليهِ وَتَمَنِيها فِي عَزمِها بِحُبِها إلَيْه,,
إفتَح فِيديُو دخُول يُوسُف الصِديق بأمْرٍ مِنْ
زُليخَة عَلى النسْوةِ اللآتِي قطَعنَ أيدِيهنَ
https://www.youtube.com/watch?v=dEkI_hWOS8Y
فَعِندَئِذٍ صَفَقت زُلَيْخَةَ وَارتاحَ بالُها وَقالَت لَهُنَ (فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) عَلَيَّ, هـذا هُـوَ يُوسُفُ الذِي خُضْتَنَ
حَدِيثِي مَعَهُ, وَلُمْتَنِي فِيهِ بَيْنَ أشْرافِكُنَ,, أيْنَ العِفـَةِ مِنكُنَ وَهـذا شأنَكُنَ
فِيهِ, رَأيْتَنـَهُ لَمْحَةً مِنـْذُ ساعَةٍ فَدُهِشَت عِقُولِكُنَ بِحُسْنِ جَمالِـهِ,, فَكَيْفَ
وَأنا لاَ أَطِيقُ عَلى إعراضِهِ صَـبْراَ, وَلَقـَد اسْتَوى بَيْـنَ سَمْعِي وَبَصْري
أشاهِدُهُ كُـلَّ يَـوْمٍ, وَأخْلـُوَّ بِـهِ فِي كُلِّ لَيْلَـةٍ وَنَهارٍ, وَفِي قِعـُودِهِ وَقِيامِـه
وَطَعامِهِ وَشَرابِه, فـَلا تَلُومََنِني بِـهِ: أنـَّا راوَدتَهُ عَنْ نفسِهِ, وَجَذبْتَهُ في
رُوحِي, وَمَلَكْتَهُ في أعنـَّةِ قَلْبي بَعـدُ أنْ اسْتَرَقَ حُبَّـهُ فِي فُؤادِي: فتَأبى
وَأسْتَعصَّمَ عَليَّ أنْ تَمِيلَ نَفسُهُ إلى مُحَرَمٍ, أوْ تَجْنَحَ إلى فاحِشَةٍ, وَكُلَّمَا
دَنوْتُ أَعرْضَ عَلى نَظَّرِهِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَحاسِنِي؟؟
هـذا هُـوَ يُوسُفُ الذِي يَتَجْلى فِيـهِ الرُوح المَلائِكِي بأظْهَرِ شَرَفٍ وَعِفَةٍ
وَكَمالٍ: فَلا تَلُومَنِي أُنظُرْنَ لأيْدِيَكُنَ قَـَدْ تَجَرُحنَ بالسَكاكِين مِمَا يَتَراءى
لَكُنَ جَمالَهُ فِي لَمْحَةٍ واحِدَةٍ, فَتَألَبْنَ مَعاً عَليْها, وَاجْتَمَعـْنَ عَلى يُوسُفَ
فَبَدَأنَ مُراوَدَتهُ فِي حُسْنِ جَمالِه؟؟
وَقالَت إحداهُنَّ: أيُها الفَتى اليافِعُ الجَمِيلُ: ألَمْ يَكُن لكَ مَأربٌ مِنْ زُليخَةَ
فِي جَمالِها, أوْ مَطْمَعٌ فِي مالِها وَحَلالِها, أوْلَيْـسَ الخَـيْرُ كُلـَّهُ بِيَـدِكَ إذا
طاوَعتََها فَلا تَتَأبى وَالتَمْتَنِع وَتَسْلُكَ الأزاوِيرُ التِي سَوْفَ تُؤدِي بِسْجنِكَ
إذا لَمْ تَنْزل لِرَغبَتِها: فأعرَضَ يُوسُفُ عَنْ قَوْلِها,,
وَقالَت الثانِيَة: يايُوسُف ألَيْسَ لَكَ قَلْـبٌ يَلِينُ لِمُعشِقَةٍ قَـَدْ أسْلَمَت نَفسَها
وَدَفَعَت إلـيْكَ بِقَلْبِها وَهِـيَّ تَسْتَمِيلُ العِصْـيُ بِمَحَبَتِها إلَـيْكَ وَأنـْتَ تَغـضُ
الطَـرْفَ بِحُسْنِها وَرَوْنـَقِ جَمالِها, فَخَففْ مِـنَ العـَنادِ لِتَفـُوزَ بالحَسَنَيْنِ
المالُ وَالجَمال, وَتُؤمِنَ مِنْ شَرَينِِ السِجنَ وَالعَذاب,, فأعرْضَ يُوسُفُ
عَنْ كَيْدِها وَتَوَّلى,,
وَقالت الثالِثة: أليْسَ لكَ عَينٌ تَنظـِرُ إلى مَـنْ تَعِـدُ طَرفَها مِـنْ مَحاسِنِها
وَرَوْنَقُ جَمالِها إليكَ, أوَليْسَ إنَكَ شابٌ قَضِيضُ الإهابَةِ فلَكَ مِن زُلَيْخَةَ
نصِيبٌ, وَمِنَ المِتعَةِ مِقـْدارٌ بِجَمالِها وَمالِها وَعِزِها وَسُلْطانِها,, فضَّـلَ
يُوسُفُ بَينَ الوَعدِ وَالوَعِيدِ يَخْلَصُ مِنْ مِحنَةِ الجُبِ وَمِحنَةِ كَيْدِ أخوانِهِ
وَيَقعُ فِي أخْرى,,
ثُمَ رَمَقَ طرْف عَينَيْه إلى السَماءِ وَقال: أللَّهُمَ أُصْرِفَ عَني كَيْدَ النساءِ
إنَكَ أنَتَ السَمِيعُ العليمُ,,
((يُوسُفُ فِي سِّجْنِ زَوِّيرا))
وَقالَت لَهُنَ زُلَيْخَـةَ (وَلَئِنْ لَـمْ يَفْعَلْ) يُوسُف (مَا آمُـرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً
مِـنَ الصَّاغِرِينَ) بالـذِّلِ وَالتَوْبيـخِ حَتـى يَصْـبُو وَيَسْتَسْلِم إلَـيَّ, فأرادَت
تَعذِيبَهُ بَعدَمَا افتَضَّحَ أمْرُها بَيْنَ حَوافِلِ النسْوَةِ التَجَأت إلى حِيَلَةِ الحِنْقِ
المُدقِعِ وَقالَت لَئِنْ لَمْ يَفعَل مَا أمْرُهُ لأُدفِعَ بِـهِ إلى ظُلُماتِ السِجْنِ لِيُبْتَلى
فِيهِ عُنفوانُ شَبابَه, وَإلاَ يَسْتَسْلِمَ وَيَذعَنَ لِرَغبَتِي وَيَسْتَنزِلَ لِمُطاوَعَتِي
هـذا تَهْدِيدٌ يَـدِلُ عَلى عَزيمَةٍ صارِمَةٍ,, وَقـَدْ تَبَيَنَ بَيدِها زُمامُ السَيْطَرَةِ
وَالقوَةِ فِيمَا تَمْلِكُ قلْبَ زَوْجِها, وَإنْ شاءَت تَصْرِفَهُ بِنَوازيَّ هَواها بِمَا
تَفعَل وَتُريد عَلى حَدِي غرُورِها وَبنَشْوَةِ كِبرياءِها,,
( قَالَ ) يُوسُـفُ (رَبِّ السِّجْنُ أَحَـبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْـهِ) هـذا لَيْـسَ
بِدُعاءٍ مِنهُ عَلى نفسِهِ بالسِجْنِ وَإنَمِا هُوَ قرارُ حالِهِ برَبِّهِ الكَريم, فطَلَبَ
مِنهُ عَذابَ السِّجْنِ مِماً يَراهُ أهْوَنُ عَليهِ مِنْ مَكْرِهنَ وَقالَ (وَإِلَّا تَصْرِفْ
عَنِّي كَيْدَهُنَّ) عَمَا أُريـدُ أنْ تـُذهِبَ عَنِي حِـيَّلَ النِساءِ: أمْ (أَصْبُ إِلَيْهِـنَّ
وَأَكُنْ مِـنَ الْجَاهِلِينَ) أيْ: لاَ قـَوَةَ لِي إلاَ بِصِّدقِ الاسْتِغاثَةِ فَتَدارَكَهُ اللـَّه
بَوَشِيكِ نَصْرَتِـه وَصَرَفَ عَنـهُ كَيْـدَ النِساءِ قبْـلُ أنْ يَقـَعَ فِي ضِغـُوطِهنَ
فاعِلاً بِجَهْلِهِ مُطاوِعاً لِرَغبَتِهنَ, فلَوْلاَ هِدايَـةُ الله لَوَقعَ فِي كَيْدِهنَ فَلَّمَا
نَفـَذَ صَـبْرُ زُلَيْخَةَ وَانقَطَعَ مِـنْ يُوسُفَ رَجاؤُها فـَزُجَتْ بِـهِ في السِّجْـن
بَريْئاً مِنْ ذنبِهِ: كَمَا إنَ الذِئبَ بَريْئاً مِنْ دَمِهِ الذِي جََعَلـُوهُ أخوَتَهُ سَـبَباً
لِبَرأتِهِم دُونَ صِدقِهِم لأبيهِم وََانقَطَعَ حَدِيثُ المُراوَدَة ذلِكَ صَوْناًَ لِعزَتِها
وَلِمَقامِ العَزيز عَندَها بِصَرْفِ التُهْمَةِ وَعارِِ الفضِيْحَةِ عَنْ نَفسِها, هذِهِ
المَرأةُ تَناسَت: أمْ تَجاهَلَت عِندَمَا اسْتَوْهَبَت يُوسُفَ مِنْ زَوْجِها فَوَهَبَهُ
لَها وَقالَ: ما تَصْنَعِين بـهِ؟ قالَت: اتَخِذَهُ وَلـداً لِي، قالَ: هُوَ لَكِ, فرَبَّتـُهُ
وَراوَدَتهُ عَـنْ نَفسِـهِ (فَاسْتَعْصَـمَ) عَلَيْـها وَتَـأبى, فَزَجَتـْهُ فِـي السِـجْنِ
فَاسْتَقبَلَهُ يُوسُف وَكانَ أهْوَنُ عَليهِ مِنْ سِجْنِ بِلاطِ زُلَيْخَة فَدَخَلَهُ مِرتاحُ
الضَمِير, وَتَلَقاهُ بِقلْبِ الصابِرينَ, وَعَـزْمِ المُؤْمِنينَ يَرْجُو عَـدلَ السَماءِ
بِكَلِمَةِ قََضاءَ اللـَّهِ الأحَـد, وَهُـوَ يُواسِيَّ آلام المَساجِينَ, وَيُشاركَهُم فِي
أحزانِهم,,
عَزيزي افتَح فِيديو يُوسُف وهُوَ في سِجنِ زَويرا
https://www.youtube.com/watch?v=DZhnE2Nynxw
وَلكِنْ وَمَا السِجْنُ وَظلامَهُ, وَالجَلْدُ وَأَغلالَهُ وَهُوَ بَينَ هـذِهِ الفِتيَةَ التِي
أُثِيرَت حَوْلَـهُ بِجَرائِمِها,, ألَيْسَ السِجنُ هُـوَ نَجاةٌ لَـهُ لِيُنْصِحَ الأشْقياء
وَيُواسِي الضُعَفاءِ: وَيَقومَ بَينَهُم مُعلِماً, وَناصِحاً أمِـيناً, وَمُرشِداً وَفِـياً
لِيُنْزِعَ نَوازيَّ الشَـرَ مِـنْ صِدُورِهِم حَتى يُدْخِلَ فِي قلـُوبِهِم رِسالَةَ رَبِّـهِ
التِي أوْصَلَتهُ بِهـذا الحال فَيَكُونَ بِخَـبَرهِ قـَدْ طَهْـرَ البَشَرِيَة مِـنْ بَعـضِ
أدْرانِها, وَنَصَحَ عَنْ ما تَنَوَءَ بِهِ مِنْ وَقعِ مَجْرَمِها لَعَلَهُم بِذلِكَ يَدركُونَ
رِضَا اللهِ وَيَنقادُوا لِطاعَتِهِ فَيُكافِئَهُم بِثَوابِهِ وَإحسانِه,,
(فَاسْتَجَابَ لَـهُ رَبُّـهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) مِمَا كَـرَهَ يُوسُف عَما يَدْخُلَّنَ
النُسْوَةَ مِنَ الكُفـْرِ وَتَخْلِيقُ الكَلام الذِي يُخالِط البُهْتان المُبَّيَن, فَصَرْفَ
اللـَّهُ عَنهُ حَدِيث المُراوَدَةِ مَا يتَكَلُفَنَ مِنْ الزيادَةِ فِيهِ عَلى قََـَدْرِ الحاجَةِ
كَيْداً عَلَيهِ,,
عزيزي إذا أردتَ إكمال قراءَة قصَة يُوسُف
بخمسةِ عشَر جزءاً أفتَح هذَينِ الرابطَيْن
رابط قصة يوسف العشرة الأولى
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788
رابط قصة يوسف الخمسة الثانية
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788&page=2
فََعَبَرَ يُوسُف كَلِمَةُ أبيهِ فِي نَفسِهِ وَأيْقنَ وَأعتَصَمَ بأنَ الفاحِشَةََ تَمْحِصُ
نبُوَتَهُ فَلَوْلاّ البُرهانُ الأوَل قَد سَرى فِي نَفسِهِ فَجَعَلَ اللهُ مِنهُ لَـهُ ثَلاثـَةُ
بَراهِينٍ لَكانَ يُوسُفَ مِثلُ سائِرِ الناسِ فِي ارتِكابِ المَعاصِي وَالفواحِش
فجَعَلَ اللـَّهُ البُرهانَ الأوَل: دَلِيلٌ لَـهُ عَلى إبـاءِِ المَعصِيَةِ وَعَـدَمِِ ارتكابِ
الفَواحِشِ بإخْراجِ نَفسِهِ مِنَ السُوءِ, وَلِهذا بَيَّنَ اللهُ بِدَلِيلِهِ الرابِع: وَقالَ
(لِنَصْرِفَ عََنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) الآيَـة تَدِلُ بأنَ يُوسُفَ مُنْصَرفٌ عَـنْ
السُوءِ وَالفَحشاءِ بإحسانِهِ وَطهارَتِهِ قَبْلَ أنْ يَصْرِفُهُ اللـَّه عَنهُ, وَدَلِيلُنا
هُوَ جَوْهَرُ الآيَة فإنَها قَد نَزَلَت فِي مَحَلِ الدَفِعِ لاّ فِي مَحَلِ الرَفعِ لأنَ اللهَ
لَـمْ يَقـُل لِنَصْرِفـَهُ عَـنْ السُـوءِ وَالفحشاءِ, وَلَـمْ يَقـُل لِنَصْرفَ مِِـنهُ كَـي
تَتَنَاسِب مَعَ مَحَلِ الرَفعِ لِرَفعِ السُوءَ وَالفَحشاءِ عَنْ يُوسُف: بَـلْ جَعَلَها
اللهُ بِمَحَلِ (الدَفعِ) لِدَفعِ السُوءَ وََالفَحشاءِ عَنهُ, وَلِهذا قالَ اللهُ لِنَصْرفَ
(عَنـْهُ) وَلَـمْ يَقـُل (مِنهُ) حَتى لاَ يَكُونَ الإنتِفاءُ بَيْنَ الخَيْـرِ وَالشَـرِ: كَمَا
نَسَبَ القَدريُونَ وَالجَبْرِيُونَ بأوْهامِهِم الخَيْرَ وَالشَرَ مِنْ عِنـدِ اللهِ تَعالى
وَلكِنَ الشَـرَ لاَ دافِعَ وَلاَ رافِـعَ لَـهُ إذا أرادَهُ الإنسانُ فِي نَفسِهِ, وَبعَكْسِهِ
اللـَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّهُ هُـوَ الذِي يَدفَعُ الشَـرَ وَلاَ يَرفَعَهُ إذا أرادَ أنْ يَقَعَ عَلى مُؤمِنٍ يَحِبُهُ
فَيَدفَعَهُ قَبْلَ وقُوعِهِ عَليهِ, كَذلِكَ العَبْدُ المُؤمِنُ هُوَ الذِي يَرفَعَ عَنْ نَفسِهِ
السُوءَ وَالفَحشاءِ وَلِهذا قالَ اللهُ (قَـدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) بَـلْ فازَ مَنْ طَهَّرَ
نَفسَهُ بالطاعاتِ وَأصْلَحَ عَمَلُها بالصالِحاتِ (وَقََـَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) بَـلْ
خَسِرَ مَنْ أخْفى فَضائِلُها بِسُوءِ أعمالِها,,
فيُوسُفُ مِنْ هذِهِ العباراتِ وَالبَراهِينُ الثَلاثَة وَالدَلائِلُ الأربَعَةَ قَََد صَرَفَ
عَنْ نَفسِهِ السُوءَ وَالفَحشاءِ بِطَهارَتِهِ قَبْـلُ أنْ يَصْرِفُهُ اللـَّهَ تَعالى عَنـْهُ
وَبِمَا أنَ السُـوءَ مَصْـدرُ المَعصِيـةِ, وَالفَحشاءُ ارتِكاب الشَنِيعـةِ كَالزِنـَّا
وَغيرِهِ مِنَ ألأفعالِ: وَمِنْ هذا قََََـَد أنْزَلَ اللهُ بِحَقِّ يُوسُف وَقال (إِنَّـهُ مِـنْ
عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) الذِيـنَ أخلَصَّهُـم لِنفسِـهِ كَصُورَةِ الإخْـلاصِِ سُمِّيَـتْ
لأنَها خاصَةٌ فِي صِفَةِ اللهِ تَعالى: لأنَّ الَّلافظَ بِها قـَدْ أخْلَصَ التَّوحِيدُ للهِ
تَعالى فلَّمَا اسْتَبَقَ يُوسُفُ البابَ هَمَّت وَراءَهُ عَدْواًً فَجَذَبَتهُ مِنْ قمِيصِهِ
وَقدَتهُ مِنْ دُبُـرٍٍٍ وَمَا انتَهى مِنَ البابِ حَتى رآهُ العَزيز,,
هـذا المَوْقِفُ يُثِير الاهْتِمام وَكَيفَ تَكُون المُعالَجَة إلى سَّدِ الأمْرِ: فأبانَهُ
الله وَقالَ (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ
السَبْقُ إلى البابِ هُوَ السِرعَةُ بالخِرُوجِ مِنْ دارِ البِلاطِ,, فخَشِيَّ يُوسُف
أنْ تَجِرَهُ زُلَيْخَة وَتَجْبِرَهُ لاسْتِسْلامِها: وَهِيَّ الإمْرَأةُ الناهِيَة فِي قَصْرِها
وَالسَيدَةُ المُطاعَة فِي خَدَمِها وَحَشَمِها,,
فَهَرَبَ يُوسُف فَلَحُقَت بهِ عِندَ البابِ وَتَعَلَقَت بقَمِيصِهِ فَشَقَتهُ مِنَ الخَلْفِ
فَلَمَا رَأت زَوْجَها عِنـْدَ البابِ قَََـََد صادَفَهُ الحادِثَ: أَرادَت خَدعَـهُ فَتَباكَت
كَيْداً لِتُشْفِيَّ غِلَّ صَدرِها وَحُنقِها عَلى يُوسُفَ لَمَّا امْتَنَعَ عَنْ مُطاوَعَتِها
فَكادَت تَخَرَجَ عَنْ طَبْعِ أنُوثَتِها فِي التَمَنِعِ عَنْ نِكاحِها مِنهُ: وَقالَّت أيُها
العَزيزُ: إنَ هـذا الفَتى لَمْ يَرْعَ حُرمَتُكَ, وَلَـمْ يَحفظَ سِترُكَ فراودَنِي عَن
نَفسي, فلَّوْلاَ خادِمَتِي تُخَلِصَنِي مِنهُ لأَرادَ أنْ يَدنسَ ثوْبي وَيُلْحِقَ العار
بِكَ فمَكَرَّت مُكْراًَ عَظِيماً حَتى أرْضَت نَفس العَزيز وَلَمْ يُؤاخِذُها برَدٍ مِنْ
كِذبِها, وَأمَرَتـْهُ بسِجْنِ يُوسُفَ, أوَ تَعذِيبَهُ قائِلَةً لَـهُ (ما جَزَاءُ مَـنْ أَرَادَ
بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
الجَزاءُ هُـوَ العِقابُ: فَأرادَت زُلَيْخَـةَ تَعذِيبَـهُ فِـي السِجْـنِ جَـزاءً لِعَزَتِها
لِتُجْزيَّ عَليهِ إسْقاطُ التـُهْمَةِ عَـنْ نفسِها,, فَشَهَدَتْ خادِمَةٌ لَها لَمّا رَأت
يُوسُف راكِضاً يَسْتَبِقَ البـاب,, فلَـمْ يَجِـد يُوسُف إلاّ الاعتِرافُ بالواقِـعِ
وَدَفعُ التُهمَةَِ عَنْ نفسِهِ أمام عَزيزَ مِصْرَ (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي)
إفتَح فيديُو الطِفل الذي لمْ تكتَمِل شَفتاه
بالنَطق وَلقد تَكَلَمََ بحَقِّ براءَةِ يُوسُف (ع)
https://www.youtube.com/watch?v=tv9e7RB1z44
لاَ أنَّا: فَهِيَ التِي حاوَلتْ أنْ تَخْدَعَنِي وَتُوقِعَنِي فِي مُواقَعَتِها بالمَعصِيَةِ
قالَ: العزيزُ وَمَا البَينَةُ عَلى صِدْقِ قَوْلِكَ: قالَ يُوسُفُ هـذا الرَضِيعُ مِنْ
أنسابِكُم لاَ أظِنَهُ يَمِيلُ بِحُكْمٍ لِزُلَيْخَةَ يُرادُ بِـهِ حَقَّ باطِلِ, وَلاّ يُريدُ الباطِلَ
حَقاً يُفتَرى بِهِ إليَّ (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا) الشاهِدُ هُنا هُوَ بَيانُ عَقلِي
وَسَمْعِي لاَ يُسَّمى بالطَبْعِ شاهِداً إلاَ البالغ السِن المُكَلَف وَلكِنْ نَصَرَ اللهُ
يُوسُفَ لِيُنْطِقَ أمـامَ العَزيـز بِشاهِـدٍ مِنهُم فِيهُم: فأشارَ إلى الرَضِيعِ أنْ
يَتَكَلمَ بالحَقِّ, فَجَعَلَ اللهُ الشاهِدَ جُبرائِيل الذِي تَمَثلَ بِشَهادَتِهِ عَلى حـالِ
لِسانِ طِفلٍ لَمْ تَكْتَمِل شَفَتاهُ نَطْقاً, فأنْطَقهُ لِيَّشْهَدَ فِي بَراءَةِ يُوسُف وَهُوَ
شاهِدٌ بِأمْرِ اللهِ تَعالى: فإذا أعْتـُبِرَ العِلْمُ مُطْلقاً فَجَبْريلُ هُـوَ المُعلِمُ بِعِلْمِ
اللهِ لِلأنبياءِ وَإذا أُضِيفَ إلى الأمُورِ الباطِنَةِ فهُوَ الشاهِدُ الحَّق دُونَ أنْ
يَـراهُ أحَـدٌ إلاّ يُوسُف,, وَإذا أُضِيفَ إلى الأمُـورِ الظاهِرَةِ فهُـوَ الشَّاهِـدُ
بِلِسانِ نَطْقِ الطِفْلِ, وَقـَدْ يُعْتَبرُ مَعَ هذا أنْ يَشْهَدَ الحَّقُ أمامَ العَزيز بِمَا
كادَّت زُلَيْخَةَ عَليهِ: وَالدَلِيلُ عَلى مِثلِهِ قُرآناً هُـوَ نَظِيـرُ قوْله عَـزَّ وَجَـل
(فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قََدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً) المُتَكَلِمُ عِيسى
بـنَ مَريـمَ لَّمَا وَضََعَتهُ أُمُـهُ كَلَّمَها بلِسانِ جُبْرائِيل؟؟ كَذلِكَ تَحَكَِمَ جُبْريـلُ
الأمِين بَيـْنَ يُوسُفَ وَزُلَيْخَةَ أمـامَ العَزيـز وَبِلِسـانِ الرَضِيع الذِي شَهـِدَ
بالحَقِّ: وَقالَ (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قـُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُـوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)
القـَدُ: هُـوَ الشَّـقُ لِقَمِيصِِ يُوسُـف مِـنَ ألأَمامِ؟ فَقـَرارُ الحُكْمِ يَـدِلُ عَلـى
مُنازَعَتِها وَالتَخَلِص مِنهُ لِصِدقِ دَعوَتِها: فقضاءُ الحُكْم لَها عَليهِ,,
(وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قـُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فَقَرارُ الحُكْمِ
يَدِلُ على هِرُوبِ يُوسُف مِنْ زُلَيْخةَ, ثُمَ اسْتبَقَتهُ إلى الباب فأمْسَكَتهُ مِنْ
قَمِيصِهِ وَقَدَتهُ مِنْ خَلْفِهِ, فقَضاءُ الحُكمِ لَهُ عَليْها,,
ثـُمَ اسْتُأنَفا الحُكْمَيْنِ لأِبانَتِ الحَقِيقَـةِ: وَقالَ الشاهِـدُ (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَـهُ
قـُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) مِنْ هُنا أوْضَّحَ اللهُ لَنـَّا
التَمْيِّيز بَيْـنَ ألآيَتَيْنِ, وَظهَـرَ الحَّقُ بالثالِثَةِ لِيُوسُفَ, فَهِيَّ التِي راوَدَتـهُ
وَقَـَدَّت قَمِيصَهُ مِـنْ دُبـِرٍ,, فالتَفتَ العَزيـزُ مُخاطْباًَ زُلَيْخَةَ (قَالَ إِنَّـهُ مِـنْ
كَيْدِكُـنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيـمٌ) الكَيْـدُ: الاحْتِيالُ وَالاجْتِهَادُ مِنْ عُقـُولٍ كادَهـا
بارِئُها وَأرادَهَا بِسُوءٍ بِعُظَمِ كَيْدِها: ثـُمَ التَفتَ العَزيزُ إلى يُوسُفَ لِيُستِرَ
مَا واجَهَ وَقال (يُوسُف أعْرِِضْ عَنْ هَذا) أيْ: أربْط لِسانُكَ وَتَجَنَب عَنْ
خَـوْضِِ هـذِهِ المُراوَدَة, وَلاَ تُفشيَ خَبْـراً بِمَكْنـُونِ مَا جَـرى: ثـُمَ التَفَـتَ
العَزيز لِزَوْجِتهِ: وَقالَ أنَ يُوسُفَ عَفِيفٌ نَجِيبٌ, بَريءُ العِرْض, سَلِيـمُ
الناحيَةِ وَالشَرَفِ, فأمَا أنتِ (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)
الجِزْءُ الثامِن
(النسْوَةُ يُقَطعَنَ أيْدِيَهُنَ بالسَكاكِين)
(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ)
هـذِهِ صُورَةُ الطَبَقَة المُترَفَة التِي تُحاوِّلُ الحِفاظَ وَالسِّـرَ عَلى المَظاهِـرِِ
البَراقَةِ لِتُغَطيَ عَلى القذارةِ وَتَكْتُم الفضائِحِ وَالأدناسِ وَيَجْعَلُوا العَذابَ
وَالتُهَمِ الباطِلَةِ عَلى الأبْرياءِ الأحرارِ الأبرارِ,,
فهَلْ يَنتَهيَّ ألأمْـرُ إلى هُنـَّا: أمْ تَظْهَرُ لِيُوسُفَ مِحنَةٌ جَدِيدَةٌ؟؟ وَكُـلَّ تِـلْكَ
المِحَنِ ألتِي ابْتَلى بِها, وَالحَبائِلُ التِي نُصِبَت لَهُ, وَالأقاوِّيلُ التِي نُسِجَّت
حَوْلَهُ خَرَجَ مِنها عَفِيفُ النَفسِ طاهِرُ الذَيلِ فبَدَأت ألأيامُ تَحِيكُ لَهُ مِحنَةً
جَدِيدَةً, فأخَّذَت الإقالَة تَتَشَعَب, وَتأخُـذ لَها ألْوانـاًَ وَإشْكالاً, حَتى انتَهَت
وَسَقطّت امْرَأةَ العَزيز مِنْ مَقامِ عِزتِها وَافتَضَحَ أمْرها فِي المَدِينَةِ,,
ألَيْسَ مَا يَجِبُ عَليْها أنْ تَـرْعَ شَرَف بَيتِها,, وَلكِنَها امْرَأةَ القِـحِ تَعَلَقت
بَعَبـدٍ لَها وَراوَدَتهُ, فأمْتَنعَ؟ فألَحَّتْ عَلَيْهِ, فأعتَصَمَ؟ وَكُلَّ ذلِكَ مِنْ أقبْحِِ
الضَلال: حَتى انتَشَرَ خَبَرُها فِي مَحافِـلِ النـُسْوَةِ الحَسْناواتِ مِـنْ بِـلاطِ
المَلْكِ وَأزْواجِ الكَهَنَةِ وَالعَبيـدِ وَالحَشَمِ: كَمَا وَرَدَ ذُكْرهُنَ قـُرآناً (وَقَـالَ
نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تـُرَاوِدُ فَتَاهَا عَـنْ نَفْسِـهِ) لأنَها امْـرَأةُ
القِح تُراودُهُ عَنْ نَفسِهِ إجْباراً عَنهُ وَهُـوَ لا يُريدُ مُواقَعَتِها, وَلكِن ( قَـدْ
شَغَفَهَا حُبّاً) بأمْرِها المُسْتَقبَح مِمَا نَزَلَ حُبُّ فَتاها مِنْ شَغافِ قَلْبِها فَلَمَّا
اقتَـرَنَ حُبّها بالشَهْوَةِ وَسْتَحكَمَ اليَأس مِنـْهُ افتَضَحَ أمْرُها, فَطَلَبَت دَفعُ
العارِ عَنْ نَفسِها بالكِذبِ (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) بِعَمَلِها المُسْتَقبَح
(فَلَمَّا سَمِعَتْ) زُلَيْـخَةَ (بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِـنَّ) رُسُـلاً تـُريـدُ أنْ تـُقِيـمَ
العُذر لَهُنَ وَصْفاً عَنْ نَفسِها لِتُأثِرَ رُؤيَتِهُنَ مِنْ يُوسُف, فَدَعَت أربَعِينَ
امْرَأةً عشْرُونَ مِنْ ذواتِ الأشْرافِ, وَعشْرُونَ بِكْـراً مِـنْ بَناتِ المِلُوكِ
حِـينَ سَمَّعَـت بِمَكْـرِ اللاتِي يَشْتَنَعنَ عَليْها, وَيَنتَقـُصْنَ لَـها مِـنْ عِفَتِها
وَالإشارَة إليْها بالعَيْبِ وَالمَذمَةِ بحُبِّها مِنْ فَتاها فَدَّعَتهُنَ إلى مِسْتَراحٍ
لَها فِي بَيتِها مِنْ أيامِها المُشْرِقَةِ إلى طَعامِها وَشَرابِها (وَأَعْتَدَتْ لَهُـنَّ
مُتَّكَأً) مِمَا هَيَأت لَهُنَ وَسائِدَ الراحَةِ وَمَا يُتَكأُ عَلَيهِ مِنَ الأرائِكِ الوَثِيرَةِ
المُريحَةِ مِـنَ الدِيـباجِ, وَقدَمَـت لَهُـنَ الفاكِهَـةَ وَالمُطَيِّبات, وَأحاطَتَهُـنَ
بالنَعِيمِ الوافِـرِ مَا طابَ وَلـَذ بَعـدَ أنْ خَلَعَـت عَليْهُنَ الحَفاوَةِ (وَآتَتْ كُـلَّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) وَفاكِهَةً, وَكانَت قـَدْ هَيَأت يُوسُف وَألْبَسَتهُ أحسَنَ
الثِيابِ وَهُوَ فِي غايَةِ عُنفوانِ الشباب, ثـُمَ نادَتهُ بِاسْمِهِ المُكَنى عِندَهُم
يُزارْسِيف أُخْـرُج عَليْهُنَ وَمْشِي بَيْـنَ صِفُوفِهِنَ رُوَيْـداً؟ فَخَرَجَ يُوسُفُ
كَأنَـهُ غارَ فِي الأرضِ مِـنْ مَخدَعِـهِ, وَقـَدْ صَبَـغَ الحَـياءُ بِشارَةَ وَجْـهِهِ
وَمَلأهُ الخَجَلُ مِنْ أغمِصَةِ قَدَمِهِ وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ صِفُوفِهِنَ مِراراً, فَلَمَّا
رَأيْنَهُ صارِماًَ, وَهُوَ حُلَو المَلامِحِ, سَمْحُ المَعارف, أبْلَجُ الوَجهُ وَضِيءُ
الغـُرَةِ, وَمِنْ وَراءِِ هِذهِ القسامَةِ نَفساًَ جَمِيلَةً, فَبِهُرْنَ وَأدهُشْنَ وَأذهُلْنَ
مِمَا تَهَيَمْنَ بـهِ فاختَلَطََّت عِقولهُنَ مِـنْ حُسْـنِ جَمالِـهِ,, وَجُعلْنَ يَحْزُزْنَ
أيْدِيَهُنَ بالسَكاكِينَ مِنْ فَرْطِ دَهْشَتِهُنَ وَذِهُولِهنَ يَحتَسُبَنَ يُقطُعَنَ الطَعام
فَلاَ يَشْعُرْنَ مِنْ أثَرِ الجِراح (وَقـُلْنَ) مُتَعَجِبات تَنزِيهاً لِخالِقِهِ (حَاشَ للهِ
مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) فَأعظَمَنَهُ وَأكْبَرَنَهُ لاَ كَبَشَـرٍ بَيْنَهُنَ
وَاعتَقدنَ إنَهُ مَلَكٌ مَوجُودٌ فِي الحَياةِ بالحُسْـنِ وَالجَمالِ الصُوَري, فلَّمَا
رَأيْنَهُ تَغَـيَّرْنَ وَتَحيَّرْنَ وَتَقـَرَرَ عِندَهُنَ جَمالَهُ, وَأعجَبَهُنَ غايَـةَ حُسْـنِهِ
فأخَـذنَ يَتَشاوَرْنَ عَلى طِـيبِ شَمائِلِهِ, وَسُخاتِ صِفاتِهِ, وَعَـنْ مَا رَأيْنَ
مِنْ حُرقََةِ زُلَيْخَة بِصَبْوَتِها عَليهِ وَتَمَنِيها فِي عَزمِها بِحُبِها إلَيْه,,
إفتَح فِيديُو دخُول يُوسُف الصِديق بأمْرٍ مِنْ
زُليخَة عَلى النسْوةِ اللآتِي قطَعنَ أيدِيهنَ
https://www.youtube.com/watch?v=dEkI_hWOS8Y
فَعِندَئِذٍ صَفَقت زُلَيْخَةَ وَارتاحَ بالُها وَقالَت لَهُنَ (فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) عَلَيَّ, هـذا هُـوَ يُوسُفُ الذِي خُضْتَنَ
حَدِيثِي مَعَهُ, وَلُمْتَنِي فِيهِ بَيْنَ أشْرافِكُنَ,, أيْنَ العِفـَةِ مِنكُنَ وَهـذا شأنَكُنَ
فِيهِ, رَأيْتَنـَهُ لَمْحَةً مِنـْذُ ساعَةٍ فَدُهِشَت عِقُولِكُنَ بِحُسْنِ جَمالِـهِ,, فَكَيْفَ
وَأنا لاَ أَطِيقُ عَلى إعراضِهِ صَـبْراَ, وَلَقـَد اسْتَوى بَيْـنَ سَمْعِي وَبَصْري
أشاهِدُهُ كُـلَّ يَـوْمٍ, وَأخْلـُوَّ بِـهِ فِي كُلِّ لَيْلَـةٍ وَنَهارٍ, وَفِي قِعـُودِهِ وَقِيامِـه
وَطَعامِهِ وَشَرابِه, فـَلا تَلُومََنِني بِـهِ: أنـَّا راوَدتَهُ عَنْ نفسِهِ, وَجَذبْتَهُ في
رُوحِي, وَمَلَكْتَهُ في أعنـَّةِ قَلْبي بَعـدُ أنْ اسْتَرَقَ حُبَّـهُ فِي فُؤادِي: فتَأبى
وَأسْتَعصَّمَ عَليَّ أنْ تَمِيلَ نَفسُهُ إلى مُحَرَمٍ, أوْ تَجْنَحَ إلى فاحِشَةٍ, وَكُلَّمَا
دَنوْتُ أَعرْضَ عَلى نَظَّرِهِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَحاسِنِي؟؟
هـذا هُـوَ يُوسُفُ الذِي يَتَجْلى فِيـهِ الرُوح المَلائِكِي بأظْهَرِ شَرَفٍ وَعِفَةٍ
وَكَمالٍ: فَلا تَلُومَنِي أُنظُرْنَ لأيْدِيَكُنَ قَـَدْ تَجَرُحنَ بالسَكاكِين مِمَا يَتَراءى
لَكُنَ جَمالَهُ فِي لَمْحَةٍ واحِدَةٍ, فَتَألَبْنَ مَعاً عَليْها, وَاجْتَمَعـْنَ عَلى يُوسُفَ
فَبَدَأنَ مُراوَدَتهُ فِي حُسْنِ جَمالِه؟؟
وَقالَت إحداهُنَّ: أيُها الفَتى اليافِعُ الجَمِيلُ: ألَمْ يَكُن لكَ مَأربٌ مِنْ زُليخَةَ
فِي جَمالِها, أوْ مَطْمَعٌ فِي مالِها وَحَلالِها, أوْلَيْـسَ الخَـيْرُ كُلـَّهُ بِيَـدِكَ إذا
طاوَعتََها فَلا تَتَأبى وَالتَمْتَنِع وَتَسْلُكَ الأزاوِيرُ التِي سَوْفَ تُؤدِي بِسْجنِكَ
إذا لَمْ تَنْزل لِرَغبَتِها: فأعرَضَ يُوسُفُ عَنْ قَوْلِها,,
وَقالَت الثانِيَة: يايُوسُف ألَيْسَ لَكَ قَلْـبٌ يَلِينُ لِمُعشِقَةٍ قَـَدْ أسْلَمَت نَفسَها
وَدَفَعَت إلـيْكَ بِقَلْبِها وَهِـيَّ تَسْتَمِيلُ العِصْـيُ بِمَحَبَتِها إلَـيْكَ وَأنـْتَ تَغـضُ
الطَـرْفَ بِحُسْنِها وَرَوْنـَقِ جَمالِها, فَخَففْ مِـنَ العـَنادِ لِتَفـُوزَ بالحَسَنَيْنِ
المالُ وَالجَمال, وَتُؤمِنَ مِنْ شَرَينِِ السِجنَ وَالعَذاب,, فأعرْضَ يُوسُفُ
عَنْ كَيْدِها وَتَوَّلى,,
وَقالت الثالِثة: أليْسَ لكَ عَينٌ تَنظـِرُ إلى مَـنْ تَعِـدُ طَرفَها مِـنْ مَحاسِنِها
وَرَوْنَقُ جَمالِها إليكَ, أوَليْسَ إنَكَ شابٌ قَضِيضُ الإهابَةِ فلَكَ مِن زُلَيْخَةَ
نصِيبٌ, وَمِنَ المِتعَةِ مِقـْدارٌ بِجَمالِها وَمالِها وَعِزِها وَسُلْطانِها,, فضَّـلَ
يُوسُفُ بَينَ الوَعدِ وَالوَعِيدِ يَخْلَصُ مِنْ مِحنَةِ الجُبِ وَمِحنَةِ كَيْدِ أخوانِهِ
وَيَقعُ فِي أخْرى,,
ثُمَ رَمَقَ طرْف عَينَيْه إلى السَماءِ وَقال: أللَّهُمَ أُصْرِفَ عَني كَيْدَ النساءِ
إنَكَ أنَتَ السَمِيعُ العليمُ,,
((يُوسُفُ فِي سِّجْنِ زَوِّيرا))
وَقالَت لَهُنَ زُلَيْخَـةَ (وَلَئِنْ لَـمْ يَفْعَلْ) يُوسُف (مَا آمُـرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً
مِـنَ الصَّاغِرِينَ) بالـذِّلِ وَالتَوْبيـخِ حَتـى يَصْـبُو وَيَسْتَسْلِم إلَـيَّ, فأرادَت
تَعذِيبَهُ بَعدَمَا افتَضَّحَ أمْرُها بَيْنَ حَوافِلِ النسْوَةِ التَجَأت إلى حِيَلَةِ الحِنْقِ
المُدقِعِ وَقالَت لَئِنْ لَمْ يَفعَل مَا أمْرُهُ لأُدفِعَ بِـهِ إلى ظُلُماتِ السِجْنِ لِيُبْتَلى
فِيهِ عُنفوانُ شَبابَه, وَإلاَ يَسْتَسْلِمَ وَيَذعَنَ لِرَغبَتِي وَيَسْتَنزِلَ لِمُطاوَعَتِي
هـذا تَهْدِيدٌ يَـدِلُ عَلى عَزيمَةٍ صارِمَةٍ,, وَقـَدْ تَبَيَنَ بَيدِها زُمامُ السَيْطَرَةِ
وَالقوَةِ فِيمَا تَمْلِكُ قلْبَ زَوْجِها, وَإنْ شاءَت تَصْرِفَهُ بِنَوازيَّ هَواها بِمَا
تَفعَل وَتُريد عَلى حَدِي غرُورِها وَبنَشْوَةِ كِبرياءِها,,
( قَالَ ) يُوسُـفُ (رَبِّ السِّجْنُ أَحَـبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْـهِ) هـذا لَيْـسَ
بِدُعاءٍ مِنهُ عَلى نفسِهِ بالسِجْنِ وَإنَمِا هُوَ قرارُ حالِهِ برَبِّهِ الكَريم, فطَلَبَ
مِنهُ عَذابَ السِّجْنِ مِماً يَراهُ أهْوَنُ عَليهِ مِنْ مَكْرِهنَ وَقالَ (وَإِلَّا تَصْرِفْ
عَنِّي كَيْدَهُنَّ) عَمَا أُريـدُ أنْ تـُذهِبَ عَنِي حِـيَّلَ النِساءِ: أمْ (أَصْبُ إِلَيْهِـنَّ
وَأَكُنْ مِـنَ الْجَاهِلِينَ) أيْ: لاَ قـَوَةَ لِي إلاَ بِصِّدقِ الاسْتِغاثَةِ فَتَدارَكَهُ اللـَّه
بَوَشِيكِ نَصْرَتِـه وَصَرَفَ عَنـهُ كَيْـدَ النِساءِ قبْـلُ أنْ يَقـَعَ فِي ضِغـُوطِهنَ
فاعِلاً بِجَهْلِهِ مُطاوِعاً لِرَغبَتِهنَ, فلَوْلاَ هِدايَـةُ الله لَوَقعَ فِي كَيْدِهنَ فَلَّمَا
نَفـَذَ صَـبْرُ زُلَيْخَةَ وَانقَطَعَ مِـنْ يُوسُفَ رَجاؤُها فـَزُجَتْ بِـهِ في السِّجْـن
بَريْئاً مِنْ ذنبِهِ: كَمَا إنَ الذِئبَ بَريْئاً مِنْ دَمِهِ الذِي جََعَلـُوهُ أخوَتَهُ سَـبَباً
لِبَرأتِهِم دُونَ صِدقِهِم لأبيهِم وََانقَطَعَ حَدِيثُ المُراوَدَة ذلِكَ صَوْناًَ لِعزَتِها
وَلِمَقامِ العَزيز عَندَها بِصَرْفِ التُهْمَةِ وَعارِِ الفضِيْحَةِ عَنْ نَفسِها, هذِهِ
المَرأةُ تَناسَت: أمْ تَجاهَلَت عِندَمَا اسْتَوْهَبَت يُوسُفَ مِنْ زَوْجِها فَوَهَبَهُ
لَها وَقالَ: ما تَصْنَعِين بـهِ؟ قالَت: اتَخِذَهُ وَلـداً لِي، قالَ: هُوَ لَكِ, فرَبَّتـُهُ
وَراوَدَتهُ عَـنْ نَفسِـهِ (فَاسْتَعْصَـمَ) عَلَيْـها وَتَـأبى, فَزَجَتـْهُ فِـي السِـجْنِ
فَاسْتَقبَلَهُ يُوسُف وَكانَ أهْوَنُ عَليهِ مِنْ سِجْنِ بِلاطِ زُلَيْخَة فَدَخَلَهُ مِرتاحُ
الضَمِير, وَتَلَقاهُ بِقلْبِ الصابِرينَ, وَعَـزْمِ المُؤْمِنينَ يَرْجُو عَـدلَ السَماءِ
بِكَلِمَةِ قََضاءَ اللـَّهِ الأحَـد, وَهُـوَ يُواسِيَّ آلام المَساجِينَ, وَيُشاركَهُم فِي
أحزانِهم,,
عَزيزي افتَح فِيديو يُوسُف وهُوَ في سِجنِ زَويرا
https://www.youtube.com/watch?v=DZhnE2Nynxw
وَلكِنْ وَمَا السِجْنُ وَظلامَهُ, وَالجَلْدُ وَأَغلالَهُ وَهُوَ بَينَ هـذِهِ الفِتيَةَ التِي
أُثِيرَت حَوْلَـهُ بِجَرائِمِها,, ألَيْسَ السِجنُ هُـوَ نَجاةٌ لَـهُ لِيُنْصِحَ الأشْقياء
وَيُواسِي الضُعَفاءِ: وَيَقومَ بَينَهُم مُعلِماً, وَناصِحاً أمِـيناً, وَمُرشِداً وَفِـياً
لِيُنْزِعَ نَوازيَّ الشَـرَ مِـنْ صِدُورِهِم حَتى يُدْخِلَ فِي قلـُوبِهِم رِسالَةَ رَبِّـهِ
التِي أوْصَلَتهُ بِهـذا الحال فَيَكُونَ بِخَـبَرهِ قـَدْ طَهْـرَ البَشَرِيَة مِـنْ بَعـضِ
أدْرانِها, وَنَصَحَ عَنْ ما تَنَوَءَ بِهِ مِنْ وَقعِ مَجْرَمِها لَعَلَهُم بِذلِكَ يَدركُونَ
رِضَا اللهِ وَيَنقادُوا لِطاعَتِهِ فَيُكافِئَهُم بِثَوابِهِ وَإحسانِه,,
(فَاسْتَجَابَ لَـهُ رَبُّـهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) مِمَا كَـرَهَ يُوسُف عَما يَدْخُلَّنَ
النُسْوَةَ مِنَ الكُفـْرِ وَتَخْلِيقُ الكَلام الذِي يُخالِط البُهْتان المُبَّيَن, فَصَرْفَ
اللـَّهُ عَنهُ حَدِيث المُراوَدَةِ مَا يتَكَلُفَنَ مِنْ الزيادَةِ فِيهِ عَلى قََـَدْرِ الحاجَةِ
كَيْداً عَلَيهِ,,
عزيزي إذا أردتَ إكمال قراءَة قصَة يُوسُف
بخمسةِ عشَر جزءاً أفتَح هذَينِ الرابطَيْن
رابط قصة يوسف العشرة الأولى
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788
رابط قصة يوسف الخمسة الثانية
http://al-3abbas.com/vb/showthread.php?t=144788&page=2
الشيخ الحجاري الرميثي
مواضيع مماثلة
» قصة يوسف المعرضَة في قناة الكوثر من تفاسير الشيخ الحجاري الرميثي 15 جزء بالصورة والحركة
» الآية: إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً: من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
» الآية: إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً: من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
» النظرية الشهيرة الموت في أجلين مكتوب ومحتوم من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي العراق
» فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
» الآية: إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً: من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
» الآية: إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً: من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
» النظرية الشهيرة الموت في أجلين مكتوب ومحتوم من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي العراق
» فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى